بعد بادرة رئيس التحرير بمعاودة إصدار ملحق ثقافي يكون بداية الطريق نحو استعادة زخم الثقافة التي انطلقت من (اليوم) عبر (المربد) الرائد وما تلاه من ملاحق ثقافية .. جلست أفكر في حالة الغياب التي أشعر بها جلية لمثقفي المنطقة الشرقية وألمس أنها حالة متكررة تقودنا إلى أن نطرح أسئلة قديمة لا لنحظى بإجابات جديدة، لكن لنتذكر فقط.. من المثقف؟ وما الثقافة؟ بالطبع لن أحيل إلى سارتر أو الأنصاري أو غيرهما ممن اجتهدوا كثيرا في البحث عن الإجابة الأقرب، ورغم الاختلافات والاتجاهات إلا أن الجميع اتفقوا على أن المثقف ليس بمعزل عن الواقع وأن قضايا المجتمع تشغله أيضا ربما أكثر من فئات أخرى. البعض من هؤلاء أسسوا في السابق لحركة ثقافية فاعلة فهم أخرجوا (المربد) الملحق الثقافي الرائد الذي انطلق من هذه الجريدة (اليوم) واستقطبوا عبره غالبية المبدعين والمثقفين في المملكة مقدمة معادة، لكنها المدخل إلى ما أ ود أن أشير إليه .. وهو حالة الغياب البين والصمت المطبق واللا تواصل بين مثقفي الشرقية. لم تكن تلك هي الحالة منذ سنوات مضت، حيث كانت الفاعلية تسود والمبادرة بالرأي سمة واضحة والمشاركة الفاعلة في الصفحات والمطبوعات والفعاليات الثقافية أمرا مألوفا .. فجأة دخل الجميع في الدوائر المغلقة، كل في دائرته الحصينة والمعزولة، وبالغياب خسرنا رهانا دفعنا ثمنه مساحة واسعة من العمر. تتعدد الأسماء وتختلط في الذاكرة الى حد النسيان من طول الغياب.. لا مشاركة في الفعاليات ولا فعاليات ذات وقع لافت ولا متابعة للصفحات الثقافية ولا القضايا الثقافية، وكأن الأمر لا يعنيهم والحل قد يكون لديهم أحيانا في القصيدة أو القصة أو المقال بين الفينة والفينة. البعض من هؤلاء أسسوا في السابق لحركة ثقافية فاعلة فهم أخرجوا (المربد) الملحق الثقافي الرائد الذي انطلق من هذه الجريدة (اليوم) واستقطبوا عبره غالبية المبدعين والمثقفين في المملكة وهم من شاركوا في المؤتمرات والفعاليات الثقافية داخل وخارج المنطقة .. وهم من أسسوا المنتدى الثقافي في جمعية الثقافة والفنون بالدمام وساهموا بكتاباتهم وإبداعاتهم في الملحق الثقافي في (اليوم) الذي تلا (المربد).. وهم من دفعوني لمعايشة الثقافة هنا والتماهي معها والتفاعل مع مبدعيها وفعالياتها. أين هؤلاء الآن ؟ هل أحالوا أنفسهم إلى التقاعد المبكر؟ أم أن الظروف المحيطة بمتغيراتها السريعة هي السبب؟ في الحقيقة الأسئلة كثيرة ومؤلمة والإجابات احتمالية لا ترتكن إلى معطيات ما، لكننا سنظل نملك الرجاء والأمل في المشاركة والتفاعل مع قضايانا الثقافية والوقوف ضد من يحاولون استلاب الثقافة وتفريغها من مضمونها في الداخل والخارج، فما نتعرض له الآن من الخارج إنما هو نتاج غيابنا وغياب ثقافتنا عن الفاعلية ونحن نعلم أن قضايانا الآن وفي المستقبل قضايا ثقافية ومعرفية والحرب ضدنا الآن تحمل نفس السمة، فهل نظل في حالة الغياب والتنائي؟ أرى أنكم تملكون الإجابة والقدرة على استعادة وهج الثقافة هنا عبر كل منابرها وتخطي العقبات، فالأهداف سامية ولست أنا من يشير إليها، فلديكم الكفاءة والقدرة على ذلك والثقافة وإن انطلقت من واقع ما لا تحده الحدود ولا المواقع.