سطر معظم العلماء الذين ألفوا في آداب طلب العلم كتبا ومؤلفات جليلة وقيمة ومهمة، وقد ابتدأ معظمهم تلك المؤلفات والكتب بتوضيح مكانة العلم وفضله، مستدلين بقول الله تعالى: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) الزمر: آية 9. ويؤكد ذلك أن الله حث عباده على الاستزادة من أمرين: الأول التقوى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) البقرة: آية 197، الثاني: العلم (وقل رب زدني علما) طه: 114، فلماذا يا ترى نشاهد الاكتفاء من هذا الأمر رغم محدودية علم الإنسان؟. التعلم الذاتي مسئولية تبدأ في غالب الأحيان بعد الوظيفة، لأن ما قبل الوظيفة كان تعليما وليس تعلما، والفرق بينهما أن التعليم مرتبط بهدف الحصول على الشهادة، أما التعلم فمرتبط برغبة الإنسان بالتزود بالمعرفة، فالتعلم الذاتي يؤهل الإنسان لحياة أفضل في طريقة تفكيره وحواره وحل مشاكله، ويعكس التعلم الذاتي وعي الإنسان في اكتساب المعرفة والثقافة، وحرية اختياره الموضوعات التي يريد الاطلاع عليها بخلاف التعليم الدراسي الإلزامي، لذا نرى من يتميز ويبدع في غير تخصصه الدراسي، ومن الأمثلة المحلية في مجال الإدارة: الدكتور غازي القصيبي رحمه الله فقد أبدع في الإدارة والكتابة والشعر والدبلوماسية، وكذلك الدكتور توفيق الربيعة أبدع في الإدارة رغم عدم تخصصه، فكان نموذجا ناجحا في تحول وزارة التجارة والصناعة إلى وزارة يثق بها المواطن، ثم امتد تميزه في وزارة الصحة ليسجل اسمه كقائد فريق أزمة ناجح في (جائحة كورونا). أخبار متعلقة انقراض معظم فواكه الأحساء سحر قراءة الأدب الأسى ما يتنسى لماذا هذا الاكتفاء؟ هل الفكر والثقافة يمكن بناؤهما بالمنصب أو الكرسي؟ ألا تحتاج إلى معلومات في مجال عملك؟ كيف تطور من أساليب قيادة الإدارة التي تقودها إذا كنت مكتفيا؟ من أين تأتيك ومضة الإبداع وأنت بعيد عن الكتاب؟ كيف ترفع من همتك وأفكارك وأنت لم تغذ عقلك الغذاء الفكري السليم؟ ألم تفكر في فريقك الذي تقوده كيف سينظر إليك بعد تركك للوظيفة؟. تعلم.. فالعالم لم يولد عالما بل بدأ جاهلا ثم طالبا فعالما، ناهيك بأنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل: آية 78. تعلم.. فالطبيب لم يولد متخصصا بل قطع سنين عمره ليصل إلى تلك المكانة والخبرة ما بين التخصص العام إلى التخصص النوعي، تعلم.. فالتاجر لم يولد وهو يعرف الفرق بين البيع والشراء أو حتى التمييز بين النقود حتى بلغ تلك المكانة والمنزلة. تعلم.. تقال للمعلم الذي اكتفى بشهادة التخصص فلم يفرق بين شهادة التخصص أو مهارات المهنة، وتقال للإداري الذي رشح للإدارة فالترشح ليس النجاح، فالنجاح ما تقوم به وتتركه وراءك من أثر ويشهد لك به الآخرون، وللأب الذي يربي أبناءه كيف يربي وهو لا يعرف خصائص نمو المراحل وطبيعتها، وتعلم تقال للزوج والزوجة كي يفهم كل منهما الآخر. نصيحة وجهها الدكتور عبدالعزيز السدحان في كتابه (معالم في طريق طلب العلم): «استغل كل أجزاء وقتك، فقد ينفع الله بك، ولا تستبعد هذا الأمر، ولا تقل: من أنا؟ وهل ولد البخاري وهو يعلم أن كتابه سيبلغ الآفاق شهرة وعلوا ورفعة؟». [email protected]