بعد الرئيس السوداني عمر البشير، دخل الزعيم الليبي معمر القذافي، موسوعة أوكامبو، إذا جاز الاسم، ليكون ثاني زعيم عربي يصبح مطلوباً أمام المحكمة الجزائية الدولية، بتهم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية. بعيداً عن نظريات المؤامرة، وبغض النظر عن المبررات الحقيقية، لاتهام الرئيس السوداني، من عدمها، فإن الوضع في ليبيا، وما يحدث من جرائم فعلية ضد الإنسانية، يستحق الوقوف عنده والتأمل للاعتبار والعظة. الزعيم الليبي، وكتائبه العسكرية، تمارس أبشع أنواع الانتقام من متظاهرين خرجوا للتنديد بالنظام، ومن حق الشعب أي شعب أن يقرر مصيره، وبالشكل الذي يريده، لكن ليس معنى هذا أن تتم معاملته بهذا الشكل المهين والبائس، كما نرى على الفضائيات، ونسمع من استغاثات مواطنين عزل، يجابهون بالرصاص والقصف الجوي، وبالمرتزقة الذين يأتون ليفرضوا نظام حكم بالقوة وعلى الجماجم. وضع الرئيس الليبي، ومعه 15 من أعوانه ومقربيه، على لائحة اتهام دولية، للأسف، يظهرنا كعرب، بأننا أمة تعيش في عصور ما قبل التاريخ، وأننا لم نستفد من دروس البشرية في الحياة الكريمة والحرة، ونستعيض عنها بتوريث الطغيان، ثم الادعاء بأن هذا الرئيس، أو ذاك الزعيم، لا يملك أي سلطة، ولا يحتل أي منصب، ليستقيل منه، أو ليرميه في وجوه شعبه كما قال القذافي في لحظة استعلاء غير مسبوقة في خطاب زعيم أو رئيس أو قائد لشعبه. الوضع العربي، يسيء إلينا جميعا، ويفضحنا أمام دول العالم الأخرى، التي تأخذ عنا أفكاراً مغلوطة بمثل هذه الأساليب الوحشية، في وقت نحن فيه، في أمسِّ الحاجة لتغيير الصور النمطية السيئة عنا، كما أن مثل هذه التصرفات تفتح المجال واسعاً أمام الانتهازية السياسية لتدخل على الخط، وتلعب أدواراً مشبوهة. السؤال الأخطر، ما نتيجة ما يحدث في ليبيا اليوم؟ وإذا استمر نظام العقيد القذافي في استخدام القوة وقتل المتظاهرين.. فهل يكون التدخل الدولي لحماية الشعب الليبي أمراً حتمياً؟ مع كل تبعات ذلك التدخل.. أم تنقسم ليبيا بين الثوار وبقايا النظام؟ وبالتالي نكون أمام صوملة جديدة؟ الخياران أحلاهما مرّ.. لكن النهاية بالتأكيد، ستكون في مصلحة الشعب، ولن ينفع بعدها كل ادعاءات الزحف الموعودة، شارع شارع، حارة حارة.. أو «زنقة زنقة».