لم أكن من حجاج هذا العام، ولكني شهدت قبل سنتين تقريبًا أنموذجين لما حدث هذا العام في قطار المشاعر من سوء التفويج، وما حدث في مطار الملك عبدالعزيز من التكدّس، فالأخطاء تتكرر، سواء أكانت بسبب التخطيط، أم سوء التنفيذ، وسواء أصدقنا أن المسؤولية تقع على الحجاج الذين لم يستخرجوا التصريحات اللازمة، أو على الحجاج غير المنضبطين، الذين هجموا على القطار، أم ذهبنا مذهب مَن يرى أن المسؤولية تقع على المسؤولين في الشركة وإدارة المطار. وسوف نستقبل كل ما يصدر من تصريحات المسؤولين بصدر رحب أو بصدر حرج، كما أن من حقنا أن نستمع إلى ما يصدر من المتضررين أنفسهم في المشاعر أو في المطار، حيث المحطة الأخيرة، التي تترك ذكرى جميلة، أو ندوبًا غائرة في شريط الحج الذي قد لا يتكرر مرة أخرى في العمر. إذا وقعت هذه المآسي الكبرى، التي تشوّه الوجه الجميل للجهود العملاقة التي تبذلها بلادنا في الحج، أليس من الأفضل أن توضع النقاط على الحروف؟!ولكن بعد هذا كله، أليس من حقنا أن نتساءل: لماذا يبقى مطار الملك عبدالعزيز وحده في استقبال ملايين الحجاج كل عام، ومطار الطائف لا يزال من أصغر مطارات المملكة؟ ألا نستطيع أن نستقطع جزءًا من المليارات التي أُعدّت لتوسعة مطار الملك عبدالعزيز منذ سنوات؛ لنبني بها مطارًا يليق بمدينة قريبة جدًا من مكة، يمكن أن يحمل عبء حجاج الداخل؛ ليترك عبء حجاج الخارج لمطار جدة، والطائف نفسها مدينة سياحية، يمكن أن يشجّع وجود مطار دولي (محترم) ألوف السياح المحافظين للوفود إليها، بل قد يوجِد فرصًا كبيرة لتنشيط السياحة الدينية طوال العام، ممتزجة بأنماط السياحات الأخرى!! وأما القطار، فليست مشكلته إلا جزءًا من مشكلة أكبر، هي أن مئات الآلاف من الحجاج يكررون حجهم كل عام دون تصريح، وقد لاحظت من خلال المقابلات التي تجرى مع مواطنين ومقيمين، مقارناتهم بين العام الماضي والعام الحالي، مما يدلّ على أنهم يكررون الحج سنويًا، دون أن يكون لهم حاجة خاصة؛ كالموظفين، وأصحاب الحملات، والمرشدين، فمن المسؤول عن ضعف التوعية؟ ومن المسؤول عن السماح لهم؟! ثم إذا وقعت هذه المآسي الكبرى، التي تشوّه الوجه الجميل للجهود العملاقة التي تبذلها بلادنا في الحج، أليس من الأفضل أن توضع النقاط على الحروف، ولماذا لم نسمع عن استقطاب مسؤول مناسب يمكن أن يقدّم الحلول بدلًا من العِلل التي دائمًا تكون اتهامات للحملات أو للحجاج؟ بكل صراحة.. إن إدارة ثلاثة ملايين على الأقل كل عام في مربع محدود جدًا يحتاج إلى فن في إدارة الأزمات أكثر من زيادة أعداد تخدمهم. وإذا كانت الدولة لم تبخل على الحج بمال ولا برجال، وهي في ذلك مشكورة مأجورة إن شاء الله، فإن من الواجب كذلك من كتاب الرأي، وكتبة المواقع الاجتماعية أن يكونوا منصفين، فيذكروا الجوانب المضيئة الكثيرة جدًا، والاستعدادات الضخمة التي تنمو سنويًا، وهم يسهمون في حلول المشكلات الطارئة أو حتى المتكررة. @Dr_holybi