«انتهاكات فاقت الحدود» ثورة عمال بناء منشآت كأس العالم تعتبر أحدث الأزمات التي تعيشها قطر منذ أسند إليها ملف تنظيم المونديال، ويرجع السبب في ذلك إلى الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها قطر وجعلتها عاجزة عن توفير بعض النفقات الخاصة بمشاريع المونديال، والتي تصل إلى أرقام خرافية وغير مسبوقة في تاريخ البطولة العالمية. انتهاكات قطر بحق العمال فاقت الحدود بدءا من بيئة عمل غير إنسانية وحرمان من المرتبات، وأدت الاحتجاجات إلى مقتل 3 عمال آسيويين بسبب اعتداء رجال الأمن عليهم بعد تظاهرات عارمة في الدوحة إثر حرمانهم من رواتبهم وإصابة عشرات، لتضاف دماء هؤلاء الضحايا إلى أكثر من 1500 عامل لقوا حتفهم في بناء منشآت كأس العالم. تقول قطر: إن العمال ماتوا بسبب أزمات قلبية أو مشكلات في التنفس لكن العمال توفوا بسبب إجبارهم على العمل في فترات الظهيرة في درجة حرارة عالية. وشككت هيئات حقوقية ومؤسسات معنية بشؤون العمال بالرواية القطرية بشأن وفاة مئات العمال، وقالت: إن الدوحة لا تقدم تقارير تشريح للجثث بهدف إخفاء الأسباب الحقيقية وراء الوفاة، إذ إنهم يعملون وسط ظروف تجعل البقاء على قيد الحياة أمرا صعبا تحت حرارة تتجاوز في كثير من الأحيان 50 درجة مئوية. «الإضراب يفاقم الأزمة» أزمة كأس العالم ستتضاعف خلال الفترة المقبلة بعدما دخل العمال في إضراب عن العمل لحين استلام مرتباتهم المتأخرة، وستجد قطر نفسها في أزمة جديدة لتضاف إلى الأزمات السابقة حيث إنها ليست في متسع من الوقت يجعلها تدخل في صدامات مع منظمة العفو الدولية بسبب انتهاكات حقوق العمال، حيث لم يعد أمامها متسع من الوقت ولم يتبق على انطلاق البطولة سوى أقل من ثلاثة أعوام وهو وقت ضيق بالنظر إلى حجم المنشآت المطلوب تنفيذها، وكلما داهم الوقت قطر ستتضاعف تكلفة الأعمال الإنشائية حيث ستكون مطالبة حينها بمضاعفة عدد العمال للانتهاء من أعمال البناء في الوقت المحدد. «استغلال واسع النطاق» وتخاطر قطر بمخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدي لعملية الاستغلال الواسع النطاق لآلاف العمال الأجانب، حيث لا تزال الثغرات في الإصلاحات قائمة حتى الآن والعمال لا يزالون عالقين في ظروف قاسية، معرضين للاستغلال وسوء المعاملة، في حين أن الذين يعودون إلى ديارهم يفعلون ذلك مجبرين وهم مكتوفو الأيدي، دون الحصول على مستحقاتهم أو حتى تعويضات عن معاناتهم. وأشار تقرير لمنظمة العفو الدولية، إلى أن الوقت بدأ ينفد إذا ما أرادت قطر وضع حد للانتهاك والبؤس اللذين يلحقان بعدد كبير من العمال الأجانب كل يوم. ووجهت شكاوى عديدة وانتقادات حادة ضد قطر من المنظمات الدولية بسبب استغلالها المستمر للعمال المهاجرين الذين يشيدون المرافق الخاصة بالبطولة الكروية الأهم على مستوى العالم، وأن هذا الهجوم يأتي على الرغم من ادعاء النظام القطري إجراء تحسينات واسعة على الأوضاع التي يعمل في ظلها هؤلاء العمال، وذلك بعد التهديدات التي تعرض لها نظام الدوحة بفتح تحقيق دولي بشأن ذلك الملف. وكشف التقرير أن قطر لم تنجح في إقناع العالم بأنها تحترم حقوق الإنسان، لا سيما في ضوء العدد الكبير للعمال المهاجرين في قطر، الذي يزيد عددهم على مليوني شخص، أي ما يمثل أكثر من 90% من تعداد السكان. «بيئة عمل مأساوية» وكشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية في سلسلة من تحقيقاتها أن العاملين في ملاعب مونديال قطر 2022، يحصلون على أجر زهيد، وسط بيئة مأساوية، ويتواجدون في مخيمات سكنية غير صحية ووسط مكب للنفايات، بالإضافة إلى عدم منح الأجور الشهرية للعديد منهم بجانب معاناتهم من الجوع. وقالت الصحيفة: إن بعض العمال الوافدين كشفوا أنهم تعرضوا للخداع من قبل إعلانات لوظائف البناء. وأشارت إلى أن بعض المخيمات السكنية يضم 4500 عامل، وهو مبني في مكب للنفايات ومنطقة غير صحية، وقال بعض العمال: إنهم يتواجدون في مخيمات أخرى قذرة، وليس لديهم طعام أو وسائل راحة، وتحدثوا عن الأجور الزهيدة. كما أن الطعام الذي يحصلون عليه قديم وسيئ بالإضافة إلى مصادرة جوازات سفرهم منذ اللحظة التي يصلون فيها إلى البلد. «الكويت وعمان ترفضان المشاركة» وأعلنت الكويت وعمان أنهما لن يشاركا قطر في استضافة فعاليات بطولة كأس العالم 2022، بسبب رفض شروط الاستضافة التي حددها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». حيث كان جيانى إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، أعلن رغبة «فيفا» فى زيادة عدد المنتخبات المشاركة بمونديال 2022 إلى 48 منتخباً، على أن تشارك بعض الدول الخليجية فى استضافة البطولة مع قطر لكن الدول الخليجية رفضت المشاركة في استضافة بعض مباريات البطولة بسبب صعوبة تطبيق شروط «الفيفا» الرئيسية على أرض الواقع. وفي حالة إقرار «الفيفا» زيادة منتخبات كأس العالم فليس أمام قطر إلا أن ترفع نسبة العمالة لإنشاء ملاعب جديدة وهذا من المستحيل تحقيقه بسبب ما تعانيه من انتهاكات لحقوق الإنسان، كما أن أعمال المظاهرات التي قام بها عمال المنشآت في الدوحة شوهت سمعة قطر وستجد صعوبة في إقناع العمال أو حتى حكومات دول هؤلاء العمال في التعاقد معهم حتى وإن رفعت أجورهم بسبب ملفها السيئ الذي تتمتع به في انتهاكات حقوق الإنسان. مظاهرات عمال قطر لم تكن أول أحداث النسخة ال 22 لكأس العالم ولن تكون آخرها، فما زالت الأحداث تلقي بظلالها على الوسط الرياضي العالمي بسبب الترقب لمعرفة مصير أكبر بطولة كروية ينظمها «الفيفا»، وسط جدل وشكوك وتكهنات حول مدى إمكانية استضافة قطر للبطولة. وكانت قطر أعلنت عن تخفيض الميزانية التي خصصتها لاستضافة كأس العالم بنسبة تتراوح ما بين 40 و50 في المائة حيث كانت قد تقدمت بخطة لبناء 12 استاداً، لكنها ستكتفي ببناء ثمانية، وهو أدنى عدد من الملاعب تسمح به قواعد «الفيفا»، وتبني حالياً سبعة ملاعب جديدة، ويتم تجديد استاد قديم. لكن قطر تكبدت مزيداً من النفقات بعد إغلاق الطرق البرية والمجالين البحري والجوي المؤديين إليها بفعل مقاطعة الدول العربية الأربع لها، مما أجبرها على تخصيص ميزانية أكبر لتمويل عمليات شراء مواد البناء وتحمل التكلفة المتصاعدة لعمليات نقلها إلى داخل البلاد. يعيش العمال الذين يشاركون في بناء استادات كأس العالم 2022م في أزمة إنسانية خانقة بسبب انتهاكات الحكومة القطرية لحقوق هؤلاء العمال، كما أنهم يعانون من ظروف معيشية قاسية وما يلاقونه من سوء معاملة ورداءة الطعام ومصادرة جوازات سفرهم وتواضع مكان إقامتهم، حيث يتكدسون بالعشرات في غرف صغيرة لا تصلح للعيش الآدمي ولا تتوhفر بها أدنى مقومات الحياة البشرية. وبالرغم من تدني أجور هؤلاء العمال إلا أنهم لم يتسلموا رواتبهم لما يقارب نصف عام، الأمر الذي جعل صبرهم ينفد على تنظيم الحمدين وجعلهم يتدفقون إلى شوارع الدوحة منددين بتصرفات الحكومة القطرية.