لدى أهل الدنيا، كل شيء قابل للبيع، وتباع أعز المكونات بثمن بخس من أجل دنيا يصيبونها أو امرأة يتزوجونها. تأسس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» عام 2004م في قطر، للتبصير بالدين والذود عن حياض الإسلام وجمع المسلمين على كلمة واحدة، ومواجهة الفتن والفرقة بالكلمة الطيبة، وهذه ولا ريب من أجلّ الأعمال ويحلم بها المسلمون في كل مكان، بعد أن فرقتهم النزاعات والفتن والجهل والدنيا وأطماعها وتدليسات الأحزاب والحزبيات. واكتشف المسلمون أن الاتحاد من أكبر المدلسين، ومن أسوأ باعة الدين، مثله مثل حزب الإخوان، وأن مبادئه هذه ليست سوى تخدير للأمة وتغرير بشبابها، وأسلوب رخيص ودنيء لخداع الناس في أعز ما في نفوسهم. فالاتحاد فعلياً هو منظمة حزبية، وذراع إخواني مستتر يسعى في الدنيا ويهلك الحرث والنسل، ولا يهمه من الإسلام والمسلمين إلا تمكين حزب الإخوان وتعزيز دنياه ودنيا مريديه. وأوقف الاتحاد نفسه خادماً لحزب الإخوان، حتى أنه يرى أردوغان بمثابة نبي لا يسأل عما يفعل. وقد تبرع أمين الاتحاد، قبل أيام، بإزجاء التحايا والبهجات، والتبريكات لانتخابات تركيا الأخيرة، ودبج في الديمقراطية كل الفضائل، مع أننا نعلم أن الإسلاميين يرفعون شعارات تحكيم كتاب الله وليس الانتخابات الديمقراطية، بل ويحرمونها، لأن الديمقراطية يمكن، ببساطة، أن تحل حراماً أو تحرم حلالاً، مثل أن يصوت النواب على جواز بيع الخمر وشربه وجواز البغاء وتشريعه. وأصدر الاتحاد بياناً يجرم الجنرال الليبي خليفة حفتر، ويحرض الليبيين على قتال قوات حفتر، فقط لأن قواته تحاصر ميليشيات الإخوان في طرابلس. وهذه الميليشيات تؤيدها تركياوقطر. وعارض الاتحاد مقاطعة المملكة والإمارات ومصر والبحرين لقطر، واعتبرها أمراً «محرماً شرعاً» و«شنيعاً». وهذا يعني أن الاتحاد يرى مشروع مؤامرة تقسيم المملكة، أمراً مباحاً، ومستحباً أيضاً تجنيد المئات من شباب المملكة وتدريبهم في ملتقى النهضة وأكاديمية التغيير على التمرد والاضطرابات والفوضى. ومقاطعة قطر فضحت الكثير من المنظمات الإسلامية والإسلاميين الذين يتاجرون بالدين ويخدعون الناس باسم الله، فقد سقطت الأقنعة، ووجدناهم حزبيين متزمتين يبيعون الدين ويشترون الدنيا «يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ» (البقرة)، وبئس ما عملوا وبئس ما كانوا يعملون. وهذه المواقف جلية التحيز والحزبية والميول، تعارض مبادئ الاتحاد الذي يزعم أنه «مستقل»، ويسعى إلى الإصلاح ووحدة المسلمين. وفي الحقيقة فإن الاتحاد ظاهراً تجمع للعلماء، لكنه فعلاً هو منظمة سياسية حزبية منحازة. ويلاحظ أن الاتحاد يقبل عضويته كل من حمل شهادة في الشريعة، وهذا يعني أن أغلب أعضائه ليسوا علماء، وإنما يسعى لزيادة الأعضاء وتوسيع «الجماهيرية»، مثل أي حزب. وكلمة «علماء» كتبت باسم الاتحاد للتدليس ولإيحاء أنه تجمع علماء لكسب الثقة. لأن الشهادة في الشريعة حتى وإن كانت دكتوراة لا تعني أن حاملها عالم. وتر أنشد للمدى، والبيد وعناق الأفلاك الحلم بلا حدود، والسماوات سرامد.. الأرض، كريمة الثرى، والمآذن صوت الله إذ تهوي إليها أفئدة المؤمنين، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق.. [email protected]