بالنظر إلى جُل التجارب الاقتصادية العالمية، فإننا نجد أنها تتألف من اجتماع بين تخطيط حكومي سليم وتنفيذ متقن يقابله أو بالأحرى يتكامل معه وعي عميق من قبل الأفراد والشعوب بمدى أهمية دورهم وفاعليته في إنجاح تلك الخطط، ولا ينفك هؤلاء الأفراد عن ترجمة هذا الوعي إلى واقع فعلي، وهذه الترجمة يمكن أن تتجسد في عديد من الأشكال مبدؤها الحب ومنتهاها الإخلاص والتفاني وتقديم مصلحة الوطن عما سواها. إن نجاح الأوطان وارتفاعها فوق هام السحاب هو فعل تعاوني في الأساس، ليس له أن يتحقق دون توحد من الشعب على قلب رجل واحد خلف قيادة طموحة شجاعة تعرف جيدا ماذا تفعل، وهذا بفضل الله متحقق على أرض مملكتنا الحبيبة، لذلك فاليقين يملؤني أننا حتما سنتجاوز معا كل التحديات للوصول إلى الأهداف السامية. وفي مسيرنا هذا لا بد أن يعي كل منا دوره في دفع عجلة التنمية، فمجرد خلق حالة تفاؤلية في دائرتك الاجتماعية الصغيرة يمكن أن يساهم بقدر كبير في أن يقبل الجميع على أعمالهم بروح خلاقة مبدعة، وأن يخلق تلك الحالة غيرك وغيرك من الناس حقيق أن يكون التفاؤل سمة عامة في مجتمعنا، وبالتالي الانعكاس الإيجابي، لذلك يكون أكبر على سلوك الناس وعملهم، الأمر الذي يصب في الأخير في خانة الاقتصاد القومي ودعم مسيرته الواعدة نحو المستقبل الزاهر. كما يمكن للأفراد أن يمارسوا دورا توعويا، بمعنى أن يبدأ كل منا بنفسه فيما يتعلق بتعليم ذاته ورفع كفاءتها واكتساب مهارات جديدة تعينه على الإبداع والتميز، وتأخذه إلى مساحات جديدة يبتكر فيها مشروعه الخاص وينميه ليساهم فعليا وبشكل أظهر أثرا في تنمية المجتمع وازدهار الاقتصاد، إن اقتصاد البلدان هو الإنسان، أن يكون الإنسان مثقفا ملما بتخصصه مُنميا لذاته بما يتناسب مع ما يطمح إليه وطنه من رفعة وتقدم. يمكن أن يتمثل دورنا كأفراد كذلك تجاه اقتصاد وطننا في دعم المبادرات الاجتماعية ونشر السلم بين الناس، وخلق بيئة اجتماعية مثالية، بيئة ترفع من معدلات السعادة بين الجميع، وتخطو بمجتمعنا خطوات عميقة نحو الهدوء والانسحاب من خانات المشكلات، وملء خانات البناء والاتحاد جميعا على رؤية وطننا في أفضل الصور. على الشباب في هذا الإطار مسؤولية أخرى عظيمة، تتمثل في عدم التكاسل أمام شغل الوظائف والتعالي عليها إن صح التعبير، بل إن مرورك كشاب نحو صنع فرصتك بنفسك والرضا بالقليل واختبار ذاتك فيما توافر أمامك من عمل، يزيدك خبرة ويصقل فيك مهارات كثيرة إن لم تكن عملية فهي حياتية، وبالتالي بعد قليل من الجهد والتعب والمحاولة ستكون شخصا جديدا وثابا نحو النجاح، مساهما بكل ما أوتيت من قوة ووقت وبشكل تلقائي في دعم اقتصاد وطنك ودفع مجتمعك بشكل عام نحو الإيجابية والتخلي عن أي معتقدات سلبية تعوقك عن التقدم وازدهار الوطن.