تستضيف تونس القمة العربية اليوم الأحد، وسط عزم سياسي على إنجاح هذه القمة التي ستناقش قضايا مصيرية في فلسطين والجولان السوري واليمن وليبيا، فيما تتزامن القمة مع احتفال جامعة الدول العربية بذكرى تأسيسها ال 74. وبدأت أعمال القمة العربية في تونس قبل أيام بالأشغال التمهيدية في دورتها العادية ال 30، وذلك باجتماع المسؤولين عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تلاه اجتماع المندوبين الدائمين للدول العربية، فيما اجتمع وزراء الخارجية أول أمس الجمعة. ويقول مراقبون اقتصاديون، إن القمة، ستفتح آفاقا جديدة بمنظومة التكامل الاقتصادي العربي، وخلق مشروعات استثمارية جديدة. وأوضحوا في حديثهم ل «اليوم»، أن الاقتصاد العالمي يشهد مرحلة صعبة، مما قد يؤثر سلبا على اقتصادات بلداننا، مشيرين إلى أن ذلك يستوجب تكاتف الجهود العربية للوصول إلى قرارات تصب في اتجاه التكامل والتعاون المشترك. » توقيت مهم وأكد المحلل الاقتصادي عبدالرحمن أحمد الجبيري، أن القمة العربية تأتي في توقيت مهم لتعزيز الأطر المستقبلية وتكامل أدوارها، ولاستكمال الآليات التي سبق إعلانها في البيان الختامي لقمة الظهران في الشأن الاقتصادي، والمتضمن العمل على تسريع وتيرة آليات للعمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والتنموية وتنفيذ الإستراتيجيات العربية في تلك المجالات، بما يفضي إلى تحقيق التنمية المستدامة في مختلف ربوع الوطن العربي، ومن ثم المضي قدما في تعزيز أطر التكامل الاقتصادي المشترك بين الدول العربية، والاستمرار في فتح آفاق جديدة في جميع البرامج الاقتصادية المشتركة وتعزيزها بشكل أوسع. » دور المملكة وأضاف «الجبيري»: إن المملكة تواصل دورها الفاعل في تحقيق الدعم والتعاون الاقتصادي من خلال برامج وإضافة واسعة لهذه الأطر نحو منظومة اقتصادات الدول العربية والعالم أجمع، وذلك لما تمثله من عمق إستراتيجي وفاعلية في الأداء، إضافة إلى متانة وتطور اقتصاد المملكة يوما بعد يوم، وكذلك كون اقتصاد السعودية أحد أكبر اقتصادات الدول العشرين، وتمثل أكبر سوق اقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تحوز على ما نسبته 25% من إجمالي الناتج القومي العربي. كل ذلك يأتي في ذات الوقت، تحقيقا لأهداف رؤية المملكة 2030، مما يعني أن ترابط وتكامل العمل الاقتصادي المشترك يمثل خطوة ثابتة نحو مستقبل مزدهر ونماء مطرد في اقتصادات الدول العربية. » جسور التعاون ونوه المحلل الاقتصادي بأن المملكة العربية السعودية بعمقها التاريخي والاقتصادي ومكانتها، تسعى دائما إلى مد جسور التعاون الاقتصادي في العديد من المجالات الاقتصادية، مثل الاستثمارات البينية والتبادل التجاري للسلع والخدمات ومنظومات التعليم والتقنية والأنشطة الزراعية وغيرها، وأضاف: إن حجم التبادل التجاري بين المملكة وجميع الدول العربية وصل في العام 2017 إلى ما قيمته 66.471 مليار ريال، في حين تراوح حجم التبادل التجاري بين المملكة والدول العربية خلال السنوات 2008 - 2017 بين (53.876) مليون ريال ٕإلى (80.972) مليون ريال خلال تلك الفترة، وسجل فائضٔ الميزان التجاري بما يتراوح ما بين (19.908) مليون ريال ٕإلى (50.454) مليون ريال وفقا للهيئة العامة للإحصاء. » اهتمام بالملف وتابع «الجبيري»: من المتوقع أن يحظى الملف الاقتصادي باهتمام القمة والخروج بنتائج مثمرة من شأنها دعم اقتصادات الدول العربية، حيث إن ملف التعاون الاقتصادي العربي يحظى باهتمام ودعم القيادة الرشيدة، وهو ما سيفضي إن شاء الله إلى أطر جديدة تعزز من كفاءة وأداء هذا الملف المهم بالعمل المشترك في منظومة التكامل الاقتصادي العربي، وخلق مشروعات استثمارية جديدة، وتطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، وتحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة بين الدول العربية، وأيضا فتح أبعاد استثمارية صناعية مشتركة تسهم في مكونات اقتصادات الدول العربية، وتوفير الكثير من فرص الوظيفية. ولفت إلى أن برامج التكامل الاقتصادي باتت من الضرورة بمكان، لما ستحققه من توظيف عناصر الإنتاج التوظيف الأمثل؛ حيث تمتلك الدول العربية مقومات اقتصادية متكاملة، وسوقا تمتد من الخليج العربي إلى المحيط، تتوافر به كافة المعايير الاقتصادية، ومن أهمها أن الدول العربية تمتلك موارد طبيعية متعددة، من أراضٍ زراعية شاسعة تشكل أرضية صلبة لبناء صناعة غذائية ونوعية متطورة، إضافة للموارد البشرية في عنصر العمل والذي يزيد بنحو 370 مليون نسمة، وعنصر رأس المال الكبير، وهذه الموارد تعتبر من أهم شروط نجاح التكامل الاقتصادي العربي، مما سيسمح بإنشاء العديد من المشروعات الكبيرة، وزيادة الإنتاج، وبالتالي رفع مستوى معيشة الفرد في الوطن العربي، وتحقيق أعلى مستويات الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المتكاملة. » مرحلة صعبة من جهته يرى الاقتصادي عبدالعزيز بن سليمان آل حسين أن «الاقتصاد العالمي يشهد مرحلة صعبة، مما قد يؤثر سلبا على اقتصادات الدول العربية، وكذلك فإن التداعيات السياسية المعقدة في المنطقة تزيد من الضغط على اقتصادات دول المنطقة، ومن هنا.. تتخذ القمة العربية اليوم في تونس بشقيها السياسي والاقتصادي أهميتها حيثُ تعول شعوب المنطقة على قادتها الوصول إلى قرارات تصب في اتجاه التكامل والتعاون الاقتصادي، والواقع أن جميع الدول العربية في حاجة ماسة إلى العمل العربي المشترك لتذليل الصعاب لاقتصاداتها، برفع معدلات التنمية وخفض البطالة واستيعاب التحولات الاقتصادية التي يشهدها العالم ووضع حلول تتسق معها، ولعل تجربة المملكة العربية السعودية الاقتصادية الناجحة عبر رؤية 2030 تكون نموذجا تقتدي به دول المنطقة للتخطيط الاقتصادي المتوازن، وهذا بإذن الله سيدعم التوصل في هذه القمة إلى توصيات تحسن اقتصاد الدول العربية لتحقيق تطلعات الشعوب العربية». » فرصة سانحة من جانبه قال المستشار الاقتصادي الدكتور إياس آل بارود: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - إلى الجمهورية التونسية أتت في إطار دعم التعاون السعودي - التونسي في مختلف المجالات الاقتصادية، وهي تمثل فرصة لتونس لاقتراح مشاريع اقتصادية سعودية جديدة، في الوقت التي يعاني اقتصادها أزمة مستفحلة منذ ثورة 2011. وشكلت الزيارة أيضا، انطلاقة جديدة في تاريخ العلاقات السعودية - التونسية وتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. واستطرد: تأتي القمة العربية لهذه الدورة مثقلة بملفات معقدة، على رأسها سورياوفلسطين واليمن والعراق وليبيا ودراسة حل الأزمات التي تواجه هذه الدول اقتصاديا وسياسيا، ومن المتوقع أن تركز هذه القمة على العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية لدعم البلدان المتضررة، وكانت قد بدأت الاجتماعات التحضيرية بالمجلس الاقتصادي والذي عمل على تحضير المشاريع لعرضها على وزراء التجارة والاقتصاد، وعلى رأسها إعادة إحياء الحركة السياحية والتجارية وجذب الاستثمارات في تونس، إضافة إلى أن الجمهورية التونسية تحتضن بعد انتهاء القمة مباشرة، المؤتمر الاقتصادي العربي بحضور عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال العرب والمستثمرين الصينيين، من أجل دفع التعاون الاقتصادي العربي - الصيني، بالإضافة إلى استثمارات صينية كبيرة في تونس، تشمل المجال الصناعي والبنية التحتية. » جذب استثمارات وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي م. محمد فهد السعود أنه من المتوقع أن تشهد القمة العربية فتح العديد من الملفات الاقتصادية بين الدول لتطوير العلاقات العربية، وبحث جميع السبل التي من الممكن أن تذلل العقبات بين الدول ورفع المستوى الاقتصادي والتبادل التجاري وتعزيز التعاون فيما بين الدول العربية. وتشكل زيارة قيادة المملكة حدثا مهما، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث سيتم طرح مجموعة مشاريع لجذب استثمارات سعودية جديدة إضافة إلى الاستثمارات السعودية الحالية في تونس والتي تقدر بحوالي (600 مليون يورو)، وكذلك تفعيل المشاريع الخليجية الكبرى المُعطلة، إضافة إلى بحث التعاون الاقتصادي بين البلدان في ظل الأوضاع الراهنة المتأزمة في معظم الدول العربية، مشيرا إلى أن المملكة سيكون لها دور مهم في القمة العربية بدفع عجلة المباحثات وفتح العديد من الملفات الاقتصادية التي من شأنها دعم الاقتصادات العربية، والتي ستضع بموجبها خارطة طريق للعديد من الدول من خلال تجربة المملكة الفريدة في رؤيتها 2030، والتي تُعد خارطة الطريق نحو التقدم في كافة المجالات الاقتصادية. آل حسين: التداعيات السياسية المعقدة تضغط على اقتصادات المنطقة السعود: تذلل العقبات وترفع التبادل والتعاون بين الدول العربية آل بارود: تناقش ملفات سورياوفلسطين واليمن والعراق وليبيا الجبيري: تستكمل آليات البيان الختامي لقمة الظهران وتنفيذ الإستراتيجيات