لغة الصراع تبدو للوهلة الأولى مخيفة، لكن في جوهرها تحمل اللذة، فهي تتمثل في لغة التحدي.. التحدي مع النفس.. مع الزمن.. تحد قد يدفع بنا للقمة، لكننا نحتاج لتعلم أبجديات هذا الصراع حتى تكون انطلاقتنا قوية ومبنية على أسس متينة، فالحياة أقدام وأحجام، ومنها ولد الصراع بين الأمل والألم، بين النجاح والفشل، بين الحنان والقسوة، ولو لم تكن هناك أضداد لأصبحنا نجهل الكثير من الأمور، فلولا الظلام لما تعرفنا على النور، ولولا الشقاء لما نشدنا السعادة.. ولولا النصر والهلال لما فرقنا بين الشمس والقمر، فللأزرق والأصفر سحر لا يقاوم، وإثارة لا تذبل أزهارها، ولصراعاتهما -إن جاز لنا التعبير- رونق خاص على كافة المستويات، ففي محطاتها تبرز وجوه كنا نعتقد أن آخر اهتماماتها كرة، ولا ضير إن وجدنا علماء دين يدخلون في هذا الخضم ويعطون رأيهم حيال ظاهرة قطبي العاصمة. «ضي القمر ودفء الشمس» لمواجهات العالمي والزعيم جاذبية تفوق المواجهات الأخرى، ليس فقط جماهيريا ولا إعلاميا، بل لأن لها عشاقا يتسامرون على ضوء القمر، وآخرين يهيمون بدفء الشمس بطريقة جنونية تتخطى حدود الوطن. ففي هذا الإطار ينشط أيضا مفسرو الأحلام، ويظهر نجوم الفن والمجتمع بين مرتدي الشال الأصفر وفي الضفة الأخرى الأزرق، ودخل في الآونة الأخيرة على الخط الحسناوات من مذيعات النشرات الإخبارية والبرامج المنوعة في كهف الهلال والنصر، كل له مآرب حتى ولو كان بينه وبين عشاق الصحراء أو البحر كالمسافة بين السماء والأرض، فالمهم في حساباته أن ينوبه من الحب جانب وينال من الشهرة نصيبا. «للقمر جماله وللشمس سحرها» احترت بين مواصلة التأمل في القمر أو الشمس.. لا أعرف لماذا انتابني شعور بنشوة الانتصار وأنا أنتقل من ضفة القمر إلى ضفة الشمس التي مكثت فيها ساعات طوالا أحاول تمرير أحرفي وكلماتي بولادة قيصرية.. إلى الضفة الأخرى التي أمضيت فيها دقائق معدودة فقط وأنهيت الفكرة والعبارة والمضمون.. هكذا هم يقولون، لكنني أرى أن للقمر جماله وللشمس سحرها. «نزال رمال الصحراء وأمواج البحر» الهلال والنصر.. أو النصر والهلال.. رواية لا يتحملها ملف، فصولها مثيرة، جمهورها لا يمل من قراءة أسطرها وصفحاتها وكلماتها كل يوم بل كل ساعة وكل دقيقة. هي رواية جمهور يتخللها فصل لا يموت هو «ماجد عبدالله وسامي الجابر»، وفصل آخر يتداول هو «العالمية ونادي القرن». في نزال النصر والهلال يكون كل شيء مختلفا، هي أمسية تعيدنا للزمن الجميل بكل حواسه وتفاصيله. «أقوال مأثورة» الجميل في نزال رمال الصحراء وأمواج البحر أن الماضي لا يغيب عنها، فأمسية النصر والهلال هذه المرة ستخيم عليها أجواء الماضي، بسبب التصريحات المتبادلة عبر العصفور الأزرق بين رئيس الهلال الأمير محمد بن فيصل ورئيس النصر سعود آل سويلم التي زادت من سخونة أجواء الديربي. فالحرب الكلامية بين الهلاليين والنصراويين ليست وليدة اليوم، فثمة مقولات أشبه بالعناوين، أصبحت ماركة مسجلة باسميهما، يستخدمها العشاق حتى في حياتهم اليومية، وتعاملاتهم وأحاديثهم وحتى نغزاتهم وتهكمهم، فمن منا ينسى العبارة الشهيرة التي أطلقها الإعلامي عثمان العمير «هلاليون واشربوا من ماء البحر»، وهي العبارة التي اتخذها الهلاليون شعارا لهم في حركاتهم وسكناتهم. لكن الرد النصراوي لم يتأخر كثيرا حتى جاء على لسان رمز النصر الراحل عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) فأطلق عبارته الشهيرة «النصر بمن حضر». هاتان المقولتان أصبحتا خالدتين ومتداولتين إلى يومنا هذا، وما زالتا تلقيان رواجا كبيرا من عشاق القمر والشمس قبل عصر الانفتاح الإعلامي على مصراعيه. «هاشتاقات الألفية الجديدة» مع مطلع الألفية الجديدة أطلق النصراويون مقولة (العالمية صعبة قوية)، لإغاظة جماهير الغريم الهلال، وهي تعبر عن حكاية تواجد النصر في بطولة أندية العالم، وهي البطولة التي لم يشارك فيها الهلال حتى الآن، وقد استخدمها عشاق النصر كثيرا في السنوات العجاف التي مرت عليهم «محليا»، فكلما حقق الهلال بطولة محلية رددوا «العالمية صعبة قوية». ومع موجة الانفتاح الإعلامي عبر العصفور الصغير «تويتر» جاءت المقولة الشهيرة «متصدر لا تكلمني»، وهي التي ملأت الأسماع وتخطت الحدود، وتصدرت الصحف والفضائيات والشبكات العنكبوتية، لتتواصل فصول الحكاية، فالجميع يبحث عن الجديد، والنتائج هي التي تحدد ماهية العبارات الجديدة. فهل تستمر كلمة «متصدر بس» أم يعود هاشتاق «متصدر لا تكلمني» ليكون ترند السعودية.. لكن من سيرددها ويؤرخها؟