دخل علي رجل متزوج وقال لي لا أريد أن أكمل زواجي لأني لا أشعر برجولتي أمام زوجتى، فأنا شاب في مقتبل العمر تقدمت للزواج من فتاة من أسرة غنية وأنا أسرتي متوسطة الحال، ولكن دخلي الشهري من وظيفتي وعملي الخاص جيد، وفي قدرتي أن تعيش زوجتى معى بمستوى جيد وليس بمستوى عيشة أهلها، لأن والدها تاجر كبير في البلد ومعروف في الأوساط الاقتصادية، وأنا في بداية حياتي وصار لي متزوجا أربع سنوات وعندي طفل واحد قلت: هل عدم شعورك بعدم الرجولة بسبب أن وضعك الاقتصادي أقل من مستوى زوجتك وأهلها؟ قال: دعني أقل لك القصة كاملة، ففي أول يوم للزواج سألني والدها أين ستسكن مع ابنتي بعد الزواج؟ فقلت له: سأستأجر شقة نسكن فيها مؤقتا حتى يرزقنا الله ونبني بيتا خاصا لنا، فقال: لا داعي أن تتعب نفسك فأنا سأهديكم منزلا خاصا لكما، وفعلا هذا ما حصل فقد قدم لنا منزلا خاصا وسجله باسم ابنته، وبعد مرور سنة سألني أين ستسافرون في الصيف فقلت له: في هذا العام لن نسافر لظروف خاصة، فقدم لابنته هدية تذاكر ومبلغا للسفر في الصيف وسافرنا معهم، ومرت الأيام فاحتاجت زوجتى عاملة إضافية بالبيت فقدمت أمها لها العاملة وهي تأتينا كل يوم في البيت، وكلما قلت لزوجتي اطبخي لنا وجبة نحبها أتفاجأ بأن والدتها ترسل لنا الطبخة التي طلبتها، وقصص كثيرة مثل هذه المواقف. قلت: هل تقصد أن مثل هذه العطايا والمبادرات من أهل زوجتك تشعرك بعدم رجولتك؟ قال: في الحقيقة نعم، فأنا أشعر برجولتي عندما أقدم ما تحتاجه زوجتى أو أعالج مشاكل وتحديات الحياة، وأشعر برجولتي عندما أتعب وأكدح من أجل بناء مستقبل لأسرتي، ولكن أهل زوجتي يقدمون لنا كل شيء من باب المحبة وحتى لا يتغير شيء من مستوى الرفاهية على زوجتي، ولكن هذا التصرف يؤذيني ويجرحني ويشعرني بأني أنا غير كفء ولست رجلا لتحمل مسؤولية الحياة، فشعرت بأن وظيفتي وعملي وكل الجهود التي أقوم بها لا قيمة لها، بالإضافة إلي أني أشعر بأن زوجتى تنظر لوالدها بأنه هو كل شيء في الحياة وكأني أنا لا شيء، لهذا قررت الابتعاد عن هذه الأسرة بالطلاق أو أني أتزوج بفتاة أخرى وأتحمل مسؤوليتها وأوفر لها مسكنا تعيش فيه فأشعر برجولتي ولكني أحببت أن آخذ رأيك بالحلول التي طرحتها عليك؟ قلت إن ما تقوله صحيح، فالرجل يشعر برجولته عندما ينجز عملا من أجل الآخرين فيسعد ويشعر بالفخر لأنه كان سببا في حل مشكلة الآخرين ومساعدتهم، أو أن يكون لديه تحد في الحياة سواء على مستوى العمل أو الأسرة، فيحقق إنجازا ونجاحا أمام هذا التحدي فيشعر بنشوة الانتصار والقوة وهو ما نعبر عنه بالشعور بالرجولة، فالرجولة عند الرجل تبدأ عندما يثق الرجل بنفسه وقدراته وعقله وفهمه ويشعر بأنه قادر علي إدارة أسرة وتأمين مستقبلها، فعندما يتدخل الآخرون بتأمين أسرته فإنه يشعر بالضعف وأنه لا قيمة له، ولكن علاجك للمشكلة لا أوافقك عليه، فلا الطلاق هو الحل ولا أن تتزوج بثانية لتعيد لذاتك رجولتها هو الحل كذلك، خاصة وأنك ساكت وصامت في التعامل مع زوجتك وأهلها ولم تبادر بعلاج المشكلة التي هم سبب لها، قال: إذن ماذا تقترح؟ قلت: أولا: تتكلم مع زوجتك وتكون صريحا معها بأن ما يفعله أهلها عبارة عن سحب لمعنى الرجولة عندك، وإنك تسعى لإسعادها وتأمين مستقبلها حسب الاستطاعة والمسألة تحتاج لوقت، وثانيا: تتفق مع زوجتك على أسلوب ذكي ومقبول لتوصيل هذه الرسالة لأهلها من غير أن تجرح مشاعرهم، وشكرهم على ما قدموه لكما في مرحلة تأسيس الحياة الزوجية، قال: أنا فكرت بهذا الحل ولكني خفت أن يتخذ والدها مني موقفا، قلت: بالعكس فإنه سيعجبه كلامك لأنه رجل وسيتفهم موقفك الرجولي فتكبر بعينه، قال: إذن سأبدأ بهذا الحل.