مع التغييرات الاقتصادية بدأت معايير اختيار الزوجات تأخذ منحنى أكثر اتجاها نحو المرأة العاملة، خصوصا المعلمة، التي لم تكن الخيار المفضل إلى وقت ليس ببعيد، وذلك بعد أن زادت القناعات أن وجود «ريسين في المركب» أفضل من وجود ريس واحد عاجز عن إدارة دفتها. هذا الاتجاه للزواج من المرأة العاملة صنع إشكالية أخرى وهي الموقف المعارض لبعض أولياء أمور العاملات الذين يرون أنهم أولى برواتب بناتهم من أزواجهم وأن من حق أهلها المطالبة بنصيب منه. «شمس» ناقشت مسألة الإقبال على الزواج من المرأة العاملة مع عدد من المواطنين والمختصين الذين أشاروا إلى أهمية تسليط الضوء على هذه المسألة بشكل أكبر. وقال أحمد حسن إن الكثير من الشباب باتوا على يقين تام بأن الزواج هو مشروع شراكة فعلية، وهذا اليقين دفع الكثير من الشباب للبحث عن زوجة للمستقبل تكون بمواصفات معينة من أهمها أن تكون ذات دخل شهري ثابت. وهذا الاتجاه قسم الشباب إلى قسمين الأول ويمثلهم منسوبو الدخل المحدود الذين يبحثون عن زوجات تعينهم على تكاليف الحياة وتلبية متطلباتها من سفر وعلاج ومشاركات اجتماعية مرهقة. والقسم الآخر من الشباب هو كما يقول المثل «داخل على طمع» أي أنه يبحث عن زوجة عاملة ليتسلم بطاقة الصراف الآلي الخاصة بها في اليوم التالي من الزواج، وهذا النوع من الأزواج يكون إما عاطلا عن العمل أو موظفا وأكثر ضحايا هذا النوع من النساء ذوات القرابة وأغلب هذه الزيجات فاشلة وتنتهي بالطلاق وإن حصل واستمرت فهي تكون غير مستقرة طابعها الخلافات والنزاعات المستمرة: « ما بني على باطل فهو بكل بساطة باطل». أزواج طائشون وذكر أنه يعرف أزواجا شبابا «يلهفون» رواتب زوجاتهم ويسافرون للخارج للاستجمام والترويح عن النفس والهروب من مسؤولياتهم الزوجية ويتركون لهم مبالغ قليلة جدا لا تكاد تكفيهم أياما بينما يغيبون لفترات تصل إلى الشهر.«أعرف شابا لديه أسرة مكونة من زوجة وخمسة أبناء يسافر بأكثر من 35 ألف ريال ويغيب عن أبنائه وزوجته قرابة الشهر ولا يترك لهم سوى ألف أو 1500 ريال بل ويستلم راتب الزوجة من أي صراف وهو خارج الديار، فالبطاقة معه والطامة الكبرى هي عندما يتباهى ذلك الرجل بأفعاله أمام الآخرين داعيا إياهم إلى تقليده ولا يجد حرجا بعد أن يعود من سفره محملا ببطولاته وعنترياته الصبيانية». وأضاف أن هذه الزيجات للأمانة قليلة لكنها موجودة خصوصا في المجتمعات التي تكون للرجل الكلمة والحق في كل شيء. من جانب آخر قال صالح الشهري: «تزوجت قبل ثمانية أعوام وطوال تلك الفترة وأنا أعاني مع زوجتي من مشكلة الراتب، فبداية زواجي لم أكن آخذ منه شيئا مع العلم أنني أعلم أنها تعطي أهلها أكثر من ثلاثة أرباعه، بالإضافة إلى تحملها تكاليف زواج إخوانها بالكامل، ولكن مع مرور الزمن وإنجابنا ثلاثة أطفال، وزادت أعباء الحياة وطلبت منها أن تساعدني بجزء من راتبها فعارضت في البداية ولكنها وافقت بعد ذلك وأصبحت تعطيني ثلثه لكن بعد ذلك تحولت حياتنا إلى مشكلات، فقد أصبحت تتحداني بل أصبحت أسمع منها ألفاظا لا يمكن أن تقال، وذلك كله بسبب الراتب، لدرجة أن أبناءنا أصبحوا يتحدثون في موضوع الراتب بقولهم عندما نشتري لهم ألعابا: هل هذه الألعاب من راتبك أم من راتب ماما؟». نصف الراتب أما أبو إبراهيم فأشار إلى أن من حق الزوج أخذ نصف راتب زوجته: « تزوجت معلمة ومن يوم زواجنا ونحن مختلفان على الراتب لدرجة أن والدها تدخل في الموضوع وأصبح يأتي إلى بيتي ويهددني وقام إخوانها بالذهاب إلى مقر عملي والتهجم علي أمام زملائي الذين بدورهم طلبوا تدخل الشرطة»، مشيرا إلى أنه قام بتقديم شكوى في المحكمة ضد زوجته وأسرتها وطلب وضع حد لهذه المهاترات، وبالفعل حكم له القاضي بأخذ نصف راتبها. فخروجها من بيتها وإهمالها لتربية أبنائها من أجل أن يأخذ أهلها راتبها فيه إجحاف كبير في حقه. « ومن ذلك اليوم استطعت بناء مسكن لنا ولأطفالنا وتأمين مستقبلهم». وذكر عبدالرحمن المحمد وهو متزوج حديثا من معلمة أنه لم يفكر أن يأخذ من راتبها عندما تزوجها لأنه من خلال تجارب بعض أصدقائه يعلم مدى معاناة من يأخذون من رواتب زوجاتهم وما يتعرضون إليه من مشكلات: «لكن جن جنوني عندما علمت أن بطاقة الصراف الخاصة بزوجتي مع والدها ولا يعطيها من راتبها البالغ ثمانية آلاف ريال سوى 500 ريال في الشهر، لكني مع ذلك آثرت الصمت حتى لا يقال عني إنني طامع في راتبها.. أنا لا أمانع أن تعطي أسرتها جزءا من راتبها، لكن إذا استمر الوضع هكذا فلن أقبل». تغيير البطاقة وذكر أن قريبا له كانت لديه القصة نفسها فاتفق مع زوجته على تغيير البطاقة عن طريق البنك، وبالفعل تم لهما ما أرادا وعندما علم والدها بالأمر ثارت ثائرته واتجه فورا إلى منزلهما ووبخهما وطلب منهما إعطاءه البطاقة الجديدة فما كان من الزوج إلا ضربه ضربا مبرحا نقل إثرها إلى المستشفى وظل منوما لعدة أيام، ومن ذلك اليوم انقطعت العلاقة بين الأب وابنته، وبالطبع هذا أمر مؤسف. وبين مهدي عارضة أن من يأخذ من راتب زوجته فعليه تحمل الإهانات التي ستلحقه «أخبرت زوجتي أنني لا أريد من راتبها شيئا وأن لها مطلق الحرية في التصرف فيه وعليها قضاء حاجاتها من راتبها وحتى عندما تريد أن تعطيني منه شيئا أرفضه وبشدة فليس لدي استعداد لأن أسمع كلمة تمس رجولتي إذ أفقد أعصابي وأطلقها». وأضاف أبو إبراهيم أنه سمع كثيرا عن مشكلات «زيجات الراتب»، فهناك من الرجال من لديه قدرة على تحمل سماع الإهانات بشرط أخذ الراتب، وفي المقابل الآخر هناك من لا يريد أن يسمع كلمة واحدة وتأخذ راتبها بالكامل. ويعتقد أن المرأة التي تتحمل مصاريفها نعمة كبيرة لا يقدرها إلا من هو متزوج من سيدة لا تعمل. مسؤولية الزوج وأشارت أم سلطان أن الرجل هو المتصرف ورب الأسرة فكيف يأخذ من حق الزوجة والنفقة من الحقوق المترتبة عليه في الحياة الزوجية. والرجل يقوم بكامل حقوقه يستحق الاحترام والتقدير. وذكرت أنها لا ترضى أن تزوج ابنتها من رجل اتكالي: «إن السؤال عن الرجل وعن وظيفته أمر مهم قبل الزواج». ولفتت إلى أن مبدأ التكافل الاجتماعي مفقود في المجتمع السعودي ويحتاج إلى إعادة صياغة، بحيث يتكاتف الزوج والزوجة برضا الطرفين وليس عن طريق الخداع كالذي يقوم به بعض الأزواج. وشددت على أن يتقي الأزواج ربهم في زوجاتهم لبناء أسرة سليمة خالية من المشكلات. التفاهم مطلوب وذكرت معلمة «رفضت نشر اسمها» أنها لا تمانع أن تشارك زوجها أعباء الحياة الزوجية باعتبارها شركة قائمة بينهما وتقديرا أيضا للزمن الذي تقضيه خارج المنزل على حساب بعض التزاماتها تجاه زوجها وأولادهما. وقالت إن الزوج الذي يتصرف في راتب زوجته ويصادر بطاقة الصراف منها زوج أناني يستغل ضعف زوجته وأحيانا قلة حيلتها. أما إذا كانت تعطيه راتبها كله عن طيب خاطر للصرف منه على حياتهما أو توفيره من أجل شراء منزل أو سيارة أو خلافه فلا بأس، وذكرت أن لديها التزامات تجاه أسرتها الكبيرة حيث تساعد والديها من وقت إلى آخر وتوفر لهما ولإخوتها بعض المتطلبات، وهذا أمر لا مساومة فيه: «زوجي يعلم عن مساعدتي لأهلي ولا يمانع بل يجده من البر ويشجعني عليه؛ لذلك فلا توجد بيني وبينه أي خلافات حول هذه الأمور». استشارات أسرية ويعتقد خبراء في العلوم الأسرية أن الزواج بغض النظر عن دوافعه هو شراكة تتطلب تفهما كبيرا من الشريكين وقدرة على التفاعل مع مختلف الأحداث التي تواجه هذا المشروع المهم. فلا يتوقع طرف أن يجد تنازلات مستمرة من الطرف الآخر دون أن يبدي هو الآخر قدرا من المرونة ويقدم التنازلات التي تجعل الحياة مستقرة. ذلك فهم ينصحون في حالة تفاقم الخلافات باللجوء إلى أطراف أخرى ذات خبرة لعرض مشكلتهم ومحاولة إيجاد الحلول اللازمة لها والتوفيق بين طرفيه قبل وقوع الطلاق، فضلا عن تعريف الأزواج بحقوقهم وواجباتهم الشرعية التي يكفل الالتزام بها المحافظة على كيان الأسرة والحد من النزاعات بينهما وحثهم على الالتزام بها طواعية. في هذا الإطار أوضح الأمين العام لمركز المودة الاجتماعي للإصلاح والتوجيه الأسري زهير ناصر أن المركز معني بالاستقرار الأسري بالتوعية والإصلاح عبر العديد من البرامج والفعاليات من أبرزها الدورات التدريبية التي تعد وقائية لبناء الحياة الزوجية وللمحافظة عليها. وأشار إلى أن الدورات تعد مرحلة إنمائية وقائية لبناء الحياة الزوجية وللمحافظة عليها من التصدعات التي تحدث عادة في بداية هذه الحياة، وللمساهمة في خدمة المجتمع للوقوف أمام تيار الطلاق الذي بات يهدد حياة كثير من الأسر. ويتم التدريب على جوانب التعامل الصحيح بين الزوجين وكيفية حل المشكلات الأسرية، إضافة إلى الطرق المختلفة التي تساعد على سعادة الزوجين واستقرارهما وغيرها .