لا يختلف اثنان على أن ممارسة التستر بكل أشكاله وألوانه ومسمياته تمثل جريمة كبرى ضد المجتمع، فهو يلحق الضرر بالخطوات التنموية الواثبة التي رسمتها الدولة لتحقيق رؤيتها المستقبلية الطموح من جانب، كما أنه يلحق الضرر في ذات الوقت بالمجتمع نظير تحويل الأجانب لأموال طائلة حصلوا عليها بطرق غير شرعية وغير قانونية إلى خارج الوطن، وإزاء ذلك فإن هذه الممارسة تجابه اليوم بقبضة ضاربة من قبل الدولة لوقف المتسترين من المواطنين والمتستر عليهم من الأجانب عن مزاولة هذه الجريمة التي تلحق أفدح الأضرار بمسيرة التنمية المظفرة التي رسمتها الدولة لصناعة المستقبل الأفضل لهذا الوطن المعطاء، وتلحق أفدح الأضرار بالمجتمع وأفراده. الأموال الطائلة التي تهاجر من هذا الوطن بطرق غير قانونية وغير مشروعة عن طريق ممارسة جريمة التستر يجب أن تصرف داخل البلاد لا خارجها لتحقيق المصالح العليا التي تحفظ للوطن استمرارية تنميته وتقدمه ونهضته، وتحفظ للمواطنين حقوقهم من خلال ضخ تلك الأموال في مشروعات تعود عليهم بالخير والرخاء والرفاهية، وأمامي نموذج لحالة من التستر التي تلاحق الدولة أصحابها من المواطنين والوافدين للقبض عليهم بالجرم المشهود وإنزال العقوبات الرادعة بحقهم. هذه الحالة اكتشفت عندما شهرت وزارة التجارة والاستثمار مؤخرا بمواطن ووافد من جنسية تركية بعد صدور حكم قضائي بإدانتهما بجريمة التستر التجاري وثبوت تمكين المواطن للوافد من مزاولة النشاط التجاري باستخدام سجله التجاري والعمل لحسابه الخاص بمؤسسة مقاولات في منطقة الجوف، رغم علمهما يقينا أن نظام مكافحة التستر ينص صراحة على عدم جواز ممارسة أو استثمار غير السعودي بأي حال من الأحوال في أي نشاط غير مرخص له بممارسته أو الاستثمار فيه. حدثت هذه الحالة التي ترقى من وجهة نظري الخاصة إلى مرتبة الجريمة الشنعاء ضد الوطن ومواطنيه رغم علمهما أن هذا التستر الذي يمكن غير السعودي من الاستثمار في أي نشاط محظور على الأجانب ممارسته سواء أكان ذلك عن طريق استعمال اسم المواطن أو ترخيصه أو سجله التجاري أو بأي طريقة أخرى، حدثت رغم علمهما أن هذا التستر يضر بمصالح الوطن والمواطنين ويعتبر عملا غير شرعي يحظر مزاولته من قبل المواطن والوافد على حد سواء. وقد تضمن الحكم الصادر من المحكمة الجزائية بسكاكا فرض غرامة مالية قدرها مائة وخمسون ألف ريال وإغلاق المنشأة وتصفية النشاط وشطب السجل التجاري والمنع من مزاولة النشاط نفسه، إضافة إلى عقوبة الإبعاد عن البلاد للمتستر عليه بعد تنفيذ الحكم وعدم السماح له بالعودة إليها للعمل والتشهير به عبر نشر الحكم في صحيفة محلية على نفقة المخالفين، وهو حكم عادل ومنطقي لتلك الجريمة التي مارسها المواطن والوافد ويستحقان جراء اقترافهما هذه الجريمة العقاب الرادع. ولا شك أن هذه الحالة من حالات التستر بتمكين المواطن للوافد من مزاولة التجارة في المقاولات مناصفة واقتسام الأرباح حيث يتولى المتستر عليه مهام إدارة وتسيير أعمال المنشأة وتنفيذ العقود وتحصيل وإيداع إيراداتها المالية هي حالة لها أضرارها الوخيمة على مجتمعنا السعودي المستقر والآمن، ولها أضرارها الواضحة على مصالح المواطنين، والضرب بقبضة من حديد على هذه الحالة وأمثالها سوف يؤدي -بإذن الله- إلى استئصال هذه الجريمة التي تعد لونا من ألوان الفساد الذي يجب وقف سريانه ومحاسبة مرتكبيه حسابا عسيرا.