أكد موقع «نورديك مونيتور» أن حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعمل بشكل منهجي ومتعمد على منع نظام العدالة الجنائية من ملاحقة المتشددين المتطرفين، لافتا إلى أن أبرز دليل على ذلك البراءة، التي قضت بها محكمة تركية في 2016 بحق عدد من المتهمين ينتمون لخلية تابعة لتنظيم القاعدة في مقاطعة أرضروم شرق تركيا، فضلا عن تخفيف الأحكام الصادرة بحق عدد آخر في قضية تجنيد أطفال للقتال مع جماعات متطرفة في سوريا. » تبرئة وتخفيف وبحسب تقرير، نشره الموقع السبت الماضي، فقد حكم القضاة في المحكمة الجنائية العليا الثانية في أرضروم بتبرئة 16 مشتبهاً في القضية، بينما خففوا الأحكام بحق 3 آخرين لسلوكهم الجيد، وقال القضاة: إنهم يعتقدون أن المشتبه بهم لن ينخرطوا في نشاط إجرامي إضافي، وأنه ينبغي إطلاق سراحهم جميعا. ووفقاً للوثائق، التي حصل عليها «نورديك مونيتور»، فقد تم إطلاق التحقيق بحق الخلية بعد أن تقدم أفراد عائلة بشكوى إلى الشرطة مفادها أن أطفالهم جندوا من قبل عناصر متطرفة، وأنهم هربوا إلى سوريا للقتال مع الجماعات الإرهابية. وأردف الموقع: عند تلقي الشكاوى، حققت الشرطة في الشبكة، وتنصتت على عملاء أساسيين وأعضاء آخرين، وداهمت منازلهم لتنفيذ عمليات التفتيش وأوامر الاعتقال. وأشار التقرير إلى أن التحقيق أسفر عن تقديم 19 مشتبها بهم للمحاكمة، بينهم موظفون حكوميون وداعية كان يعمل في مديرية الشؤون الدينية، ولفت إلى أن الخلية كان يديرها مواطن تركي يدعى يحيى ديمير، ويبلغ من العمر 34 عاماً. ومضى الموقع يقول: وجد المحققون أن مجموعة «ديمير» كانت تعمل مع مجموعة «المالاطيين»، وهي منظمة سرية راديكالية تسللت إلى المؤسسة الأمنية في الحكومة التركية. ولفت التقرير إلى أن المالاطيين -وهي شبكة قاتلة- تعرضت لحملة قمع في الماضي، وأدين قادتها وصدر بحقهم أحكام بالسجن لمدد طويلة. ومع ذلك أطلق سراحهم في 2014 بمساعدة حكومة أردوغان. » خلية القاعدة وأشار التقرير إلى أن الخلية، التي تنتمي للقاعدة غطت نفسها بعلاقات مع عدد من المنظمات غير الحكومية، التي تعمل كواجهة مثل مؤسسة عبدالرحمن غازي ومؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، كما كان أعضاء الخلية نشطين في مقاطعات تركية مثل إرزينجان وقونية وديار بكر، ومن هناك تم نقل بعضهم إلى سوريا. وقامت مجموعة «ديمير» بإدارة دار للطلبة في أرضروم، كان يجري بها أعمال تدريب وتلقين لأشخاص من خارج المنطقة، ولفت التقرير إلى أن الدار كانت مملوكة لشخص من تنظيم القاعدة يدعى، عبدالقادر تشيمشيك، وهو أيضاً مشتبه به في القضية، وكان قد اعتُقل في عام 2009 كجزء من تحقيق حول تنظيم القاعدة، وقضى فترة سجن في أرضروم، لكن ألقي القبض عليه في 5 نوفمبر 2015، وأفرج عنه في 18 أغسطس 2016 في انتظار إتمام إجراءات المحاكمة. ونوه تقرير «نورديك مونيتور» بأن من بين الأدلة، التي تم الحصول عليها في منزل المشتبه به في قرية نائية، صور أظهرت قيامه بتدريب اثنين من المسلحين الأتراك، كما أظهر تسجيل فيديو قيامه وأشخاص آخرين بتدريبات على القتال المسلح والاستعدادات للذهاب إلى سوريا، كما كانت بحوزته راية تنظيم داعش ذات اللونين الأسود والأبيض. وعلى الرغم من أنه لم يطعن في الأدلة المقدمة ضده، فقد برأته المحكمة من تهم الإرهاب وأدين فقط بتهمة «حيازة الذخيرة غير القانونية»، وهي تهمة تتطلب عقوبة أقل. » أعلام داعش من جهته، زعم المتهم «جانزا»، وهو موظف حكومي من مقاطعة أديامان، بأن الكتب المتطرفة التي يملكها قد نُشرت بإذن من وزارة الثقافة. بينما دافع واعظ حكومي، من بين المتهمين، عن وجوده في حفل زفاف به أعلام داعش، قائلا: إن العلم الأبيض والأسود موجود في أماكن مختلفة، وأنه أمر روتيني وطبيعي. وفي 29 ديسمبر 2016، برأت المحكمة في الجلسة الأخيرة جميع المشتبه بهم البالغ عددهم 19 مشتبهاً من تهمة عضوية تنظيم القاعدة الإرهابي، مشيرة إلى نقص الأدلة. وحكم على 3 مشتبهين فقط بالسجن لمدة سنة واحدة لنشرهم الدعاية لجماعة إرهابية، لكن القضاة قلصوا مدة عقوبتهم إلى 10 أشهر بسبب حسن سلوكهم، وتم تخفيف الحكم في وقت لاحق وأطلق سراحهم من قبل القضاة، الذين كتبوا في حكمهم أنهم يعتقدون أن المشتبه بهم لن يشاركوا في نشاط مماثل وأنهم أظهروا شخصية جيدة. وحكم القضاة على تشيمشيك بالسجن لمدة 25 يوماً بتهمة حيازة ذخائر غير قانونية، لكنهم خففوا هذا الحكم لاحقاً، حيث تم فرض غرامة قدرها 80 ليرة تركية (15 دولارا). وتعد هذه القضية مثالا آخر على فشل نظام العدالة التركي في مقاضاة المتطرفين والإذعان للإشارات الصادرة عن حكومة أردوغان، التي تساعد وتغذي الجماعات الإرهابية بدلاً من قمعها.