تقبض أياد شبابية في الأحساء بقوة على مهنة التنبيت مجددا، بعد أن وجدت ندرة بالأيدي العاملة في المواسم الأخيرة، وبهمة فلاحية نشطة ينخرط أبناء البلدات على شكل مجموعات في أعمال التنبيت التي توارثها الأبناء عن الآباء جيلا بعد جيل. ورغم المشاق والصعوبة التي تواجه «المنبت» في صعود أشجار النخيل الطويلة، إلا أن المواطن أمير الغويلي يستمر في هذه المهنة المؤقتة التي تدر عليه رزقا إضافيا له ولعائلته، منوها بأنه ومجموعة من أقاربه وأصدقائه يتحينون قدوم موسم التنبيت للعمل خصوصا بعد أن شهدت هذه المهنة المؤقتة ندرة في العمالة الآسيوية في السنوات الأخيرة، مبينا أنه ومجموعة من الشباب كونوا فرقة لهذا الغرض يتعاقدون مع أصحاب المزارع لإنجاز هذه المهمة وبعض الأعمال الفلاحية الأخرى، مضيفا: إنهم يتكاتفون جميعا بتنبيت المزارع ب«القطوعة» أي بمبالغ مقطوعة وليس بالأجر اليومي لإنجاز أشجار نخيل المزرعة جميعها جملة واحدة، مبينا أنه رغم أن لديه وظيفة رسمية إلا أنه يمارس أعمال الزراعة بالفترة المسائية وأيام العطلة الأسبوعية، مشددا على أن عودة الأيدي السعودية لفلاحة الأرض لا بد أن تلقى اهتمام المجتمع بعد أن انحسرت منذ سنوات طويلة، واصفا هذه العودة بأنها تكريم للنخلة ورد اعتبار لها بعد أن تخلى عنها أهلها قسرا. وأشار إلى أن عملية تنبيت النخلة تسبقها مرحلة تنظيف وتقليم، والتي تشمل إزالة الشوك، والأجزاء التي جفّت من النخلة كالكرب والسعف والعذوق الجافة، ويعتبر ذلك من أهم العمليات التي تُجرى للنخلة قبل عملية التلقيح والتي عادة يقوم بها شخص واحد. أما عبد الهادي المهدي فيشدد على أنه يجد متعة كبيرة هو وأشقاؤه في الأعمال الفلاحية التي تدرب عليها منذ طفولته عندما يرافق والده الذي يعمل فلاحا متنقلا من مزرعة إلى مزرعة يمارس جميع فنون أعمال الفلاحة التي تحتاجها النخلة حتى أتقنها جنبا إلى جنب مع دراسته، لافتا إلى أنه وأشقاءه يعملون بجد في موسم النبات، حيث يعتمدون على أيديهم في أعمالهم الفلاحية بعيدا عن الأيدي العاملة الأجنبية، مستفيدين من أوقات الفترة المسائية، كما أنهم يستغلون مهاراتهم وخبراتهم في هذا المجال الذي يزيد من دخلهم، منوها أن هذه المهنة المؤقتة فرصة سانحة للشباب لكسب المزيد من المال، بل هي أمل يتجدد في عودة الناس للفلاحة التي تسيطر عليها عمالة أجنبية تفتقد حب النخلة وفنون أعمالها التي تحتاج إلى المهارة والدقة من حيث الأداء وأيضا حتى في توقيتها، مصمما على أنه لن يترك النخلة أبدا، معللا بأنها ارتبطت بعروق دمه. ويشجع الشاب عباس بوسنة أقرانه على الانخراط في أعمال الفلاحة بشكل عام، التي هي مهنة الأجداد والآباء في السابق، وليس من المعيب أن نعمل في فلاحة الأرض والعناية بأشجار النخيل التي أعطتنا ولا يزال خيرها يتدفق إلينا نتذوقه على موائدنا يوميا تمرا وصناعات تحويلية غذائية مختلفة يتنافس أهالي الأحساء على صناعتها، والتفنن في ابتكار منتجاتها العصرية التي تتواءم مع أذواق جميع الأجيال.