بالرجوع لنشرة سوق العمل للربع الثالث من العام الماضي، أظهرت نتائج المسح أن 4.4 % من المتعطلين السعوديين سبق لهم التدريب، أي أن 95.6 % من المتعطلين السعوديين لم يسبق لهم التدريب، وهذه النسبة تعتبر عالية جدا. وأوضحت نتائج المسح أن معدل البطالة كان الأعلى بين السعوديين الحاصلين على الشهادة الجامعية بنسبة 17.2 %، وتلك الأرقام تحتاج لتأمل أكبر وإيجاد حلول فعّالة لتحسينها مما يؤثر ذلك بشكل إيجابي على سوق العمل إجمالا. هناك جهد كبير نراه من صندوق الموارد البشرية «هدف»، والذي يعتبر ذراعا رئيسية مهمة في معالجة قضية البطالة بالمملكة، وهذا الجهد نراه في تعدد برامجه لدعم توظيف وتدريب السعوديين بالقطاع الخاص، وبالرغم من عدم الإفصاح عن أعداد المستفيدين من برامج الصندوق منذ تأسيسه، إلا أن الأهداف المعلنة عن تلك البرامج نجد فيها تفاؤلا كبيرا في إيجاد حلول منطقية لمعالجة قضية بطالة السعوديين، ولكن يبقى العائق في نجاح تلك البرامج في كيفية تطبيقها والتي أستغرب من بعض اشتراطاتها والتي تحتاج لإعادة النظر فيها؛ حتى تكون أكثر تأثيرا وشمولا للمستفيدين منها. أحد أهم البرامج من وجهة نظري الشخصية، هو: برنامج «تمهير»، وهو برنامج تدريب على رأس العمل موجه للخريجين والخريجات السعوديين من الجامعات المحلية والخارجية الحاصلين على درجة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراة، الذين لم يعملوا بأي وظيفة خلال الأشهر الستة الماضية، ويهدف إلى تدريبهم في المؤسسات الحكومية والشركات المتميزة في القطاع الخاص، وذلك بغرض تمكينهم من اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة؛ لإعدادهم وتهيئتهم للمشاركة في سوق العمل. بالرجوع لضوابط واشتراطات البرنامج الموجودة في الموقع الإلكتروني، نجد أن مدة البرنامج من 3 أشهر ولا تتجاوز 6 أشهر، وكوجهة نظر شخصية أرى أن المدة قليلة ومن الأفضل رفعها إلى سنة كاملة في ظل صعوبة الحصول على الوظائف بالوقت الحالي، بالإضافة إلى إتاحة المجال للمستفيد من البرنامج للحصول على خبرات ومهارات تراكمية أكثر، ولا يمنع ذلك اشتراط دفع صاحب العمل لزيادة في المكافأة إذا رغب في تمديد مدة البرنامج. ومن الاشتراطات المعلنة عن البرنامج، نجد أنه يقتصر على المنشآت في النطاق الأخضر المتوسط فما فوق، بالرغم من أهمية تطبيقه على جميع المنشآت، حيث سيتيح ذلك فرص توظيف عدد أكبر من المتدربين بعد انتهاء مدة البرنامج، وسيكون له تأثير في أحد أهم المحاور التي من المهم العمل عليها عند مواجهة قضية البطالة، وهي زيادة التراكم المعرفي في سوق العمل من خلال تطوير كفاءات ومهارات الباحثين عن العمل؛ ليتم إحلال جزء منهم تدريجيا بدلا من الأيدي العاملة غير السعودية، والجزء الآخر يتم تهيئتهم ليكونوا أصحاب عمل بدلا من تحولهم لموظفين. حتى نرى نجاحا وتأثيرا أكبر لبرامج الصندوق، ذكرت سابقا أن من المهم إعطاء الصلاحيات باستقلالية لفروع الصندوق وفقا للمناطق الإدارية في المملكة بدلا من تحويلها بالكامل لنقاط للتوظيف فقط لاغير كما هو مخطط له، فعلى سبيل المثال فرع صندوق الموارد البشرية بالمنطقة الشرقية يكون له الصلاحيات الكاملة لتطبيق برامج ليس بالشرط تواجدها في مناطق أخرى، بالإضافة لاستثناء أو تعديل بعض الاشتراطات في البرامج الحالية، ومن خلال ذلك سنجد أن نجاح برامج الصندوق وتنوعها سيكون بشكل أكبر، ومثل ما هو متأمل منه، بدلا من المركزية القوية التي لم يجن منها جميع أطراف سوق العمل الفائدة المرجوة. ختاما.. أتمنى من صندوق الموارد البشرية إعادة النظر في اشتراطات برامجه، لتكن أكثر فاعلية في سوق العمل، وبالإضافة لذلك الإعلان بشكل رسمي عن أعداد المستفيدين من تلك البرامج وعلى الصعيد المناطقي.