مهنة التعليم من أسمى وأشرف المهن في تاريخ البشرية منذ بدء الخليقة، ويكفي منسوبيها فخرا أنها رسالة الأنبياء والمصلحين في طول التاريخ وعرضه، ويالها من شرف عظيم. قال الإمام الغزالي «إن أشرف مهنة وأفضل صناعة يستطيع الإنسان أن يتخذها حرفة له مهنة التعليم»، فهنيئا لكل معلم بشرف هذه المهنة، إذ يرى باحثون أن مهنة التعليم هي «المهنة الأم»، فأساس كل مهنة متقنة معلم ناجح يؤدي رسالته وينهض بدوره. إن مهنة التعليم في أصلها وبداياتها، وفي كثير من جوانبها، كانت مبادرة،، ليست وظيفة يبتغى منها جني المال، وكانت دائما وأبدا رسالة نبيلة هدفها إنارة العقول وازدهار الأوطان وتعميق الرؤى والمعرفة. والمعلم نبراس المعرفة والأخلاق وينير آفاق المستقبل أمام الأجيال ويدفعهم نحو التميز والنجاح والإبداع في كل المجالات والتخصصات، فحق أن يقول أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وكان المعلمون يحظون بمكانة مرموقة في مجتمعاتهم قبل أن تطغى ثقافة الاستهلاك، لكن المعلم، على الرغم من التحولات، لا يزال يتحلى بصورة وضاءة في قلوب الناس وعقولهم. ومثلما يكون لمهنة التعليم أثر دنيوي فلها أيضا أجر عظيم عند الله تعالى، فقد قال عز وجل (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة آية 11. ومثلما المعلم يمد الناس بالمعرفة المستمرة، فهو أيضا بحاجة إلى المزيد من المعرفة؛ كي يعطي ويثمر الغرس، إذ لا بد أن يسعى المعلم دائما إلى الاطلاع على كل جديد في مجال تخصصه وفي البحوث والتجارب وتطبيق إستراتيجيات التعلم الحديثة حتى ينهض بأبناء أمته ويجني طيبا في الدنيا وينال أجرا عظيما في الآخرة، ويتذكر دائما قول معلمنا ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- وهديه العظيم «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته». ولأن التعليم ينتج المعرفة المحرك لكل نشاط وتطوير وإنجاز في العصر الحديث، وهو الركيزة الأساسية لنجاح رؤية 2030، فإن ذلك يعني أن التعليم مساهم في كل مفاصل الرؤية ومحاورها وإنجازاتها، تعليما وتدريبا ومعرفة تخصصية ومهنية تثمر عن فعل على الأرض وتطوير يرقى بالأعمال ونجاحاتها ومراميها الخيرة. فبالتعليم تكتسب المهارات، وبالتعليم تترسخ القيم، وبالتعليم تتوطن المعرفة، في كل مجال وزمان وجغرافيا. ولتحقيق إنجاز مثالي لرؤية التعليم 2030، رسمت خطة التحول الوطني 2020 التعليمية لتستهدف 8 محاور رئيسة، إذا ما تحققت، فإنها سوف تحلق بالمنجز التعليمي في المملكة إلى مستويات جديدة من التفوق الشامل، فهي تركز على نوعية متقدمة للتعليم وتعزيز الفرص التعليمية الشاملة للجميع، وتطوير المناهج والأساليب وجعل التعليم ملهما للابتكار والإبداع، وهذا التحول حلم، وبلا ريب يحتاج إلى جهد مخلص ومثابرة واعية من جميع الوحدات التعليمية ومنسوبيها، وتحقيق نقلة نوعية تاريخية لمملكة العطاء والخير والسلم والسلام، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.