إنها انطلاقة عهد جديد لجامعة الملك فيصل، تؤسس لتغيير يطال الجامعات السعودية، حيث دشن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف آل سعود أمير المنطقة الشرقية، بداية تاريخ التغيير، معطيا الإذن لبداية مسيرة حديثة وجديدة للوصول إلى مستهدف رؤية (2030) الحضارية. وقد كنت حاضرا كشاهد على بدايات الجامعة من سبعينيات القرن الماضي، وشاهدا اليوم على إعادة تجديد هويتها وأولوياتها. شاهدت مؤشرات الرضا بحضور سموه وتفاعله الإيجابي، كدليل قناعة ومباركة، حيث رسمت ملامح الخطوة الأولى نحو دور قادم، ومجد متأهب للجامعات السعودية. إن حضور سموه من الدمام إلى مقر الجامعة بمحافظة الأحساء رسالة إيجابية تعزز المسؤولية، والحماس، والمتابعة، وعدم التراخي. إنها رسالة تعزز طاقة استدامة العمل بنفس الحماس وقوة التطلعات. أمَّا وقد كتب الله أن أعيش لحظات التغيير هذه، فكان لا بد من توثيق لحظاتها لنفسي أولا، وذلك فخر واعتزاز بمسيرة هذه الجامعة، وقد شكلت تاريخ عطائي حبّا وولاء وانتماء. وفي هذا العهد السعودي المجيد، أصبحت الابن الأكاديمي، لأب كان راعيا للغنم في سفوح الجبال، ولأم أنهكتها الأعمال الشاقة في زمن العوز، تحمل على رأسها حزمة الحطب، وقربة الماء يوميا على الكتف من الوادي إلى البيت الصخري المتواضع. فأصبحت شاهدا على كل المراحل. إنه التاريخ عندما يبدأ بقرار، فلا بد أنه يستند لرؤية. إنه التطلع في العهد السعودي الظافر. وسنظل ندعو للملك المؤسس بالرحمة والمغفرة. إنه القدوة والرمز لمنهج حياة كل الأجيال. في يوم الثلاثاء (16 جمادى الأولى 1440 الموافق 22 يناير 2019) كنت على موعد مع التاريخ من جديد، لأعيش لحظات بداية مرحلة تدشين شركة وادي الأحساء للاستثمار في جامعة الملك فيصل. رأيت حفيد المؤسس يمثل كبرياء الإنجاز والثقة، رأيت سموه يعتلي منصات الإنجاز في ربوع المنطقة الشرقية مرددا: (بسم الله...)، وذلك مع افتتاح مشاريع الخير والعطاء والتطلعات. وبعد، ماذا تعني شركة وادي الأحساء للاستثمار في جامعة الملك فيصل؟ كانت كلمة معالي مديرها أشبه بقسم عظيم، لتحقيق الهوية الجديدة للجامعة، وأيضا أولوياتها، بما ينسجم ورؤية (2030). وقد أصبحت الجامعة مدينة علمية، بحثية، خدمية متكاملة، تعمل في منظومة واحدة، وفق تخطيط إستراتيجي شمولي، مستمد من خطط التحول الوطني، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله. تدشين شركة وادي الأحساء في جامعة الملك فيصل يعني أنها ستكون تحت مظلة (2000) عالم بالجامعة، ينتمون ل (15) كلية، ب (11) عمادة مساندة، ب (6) مراكز بحثية، و(6) كراسٍ علمية. توفر (110) برامج أكاديمية، منها (63) برنامجا للدراسات العليا. ليس هذا فقط، ولكن بجهاز إداري مساند بعدد (1600) من الموظفين والموظفات. إنها الإمكانيات والعطاء لجامعة الملك فيصل. معها جاء وقت قطف ثمرة توجيهات القيادة الرشيدة، الداعية إلى تنويع مصادر الدخل، وتوطين الصناعات الإستراتيجية، وتأسيس الشركات، وتفعيل أنظمة خصخصة الأجهزة الحكومية، وتحقيق الاستدامة البيئية. استعلت جامعة الملك فيصل سلم الإنجاز. وبدأت مدركة أنه بالتوجيهات السامية، أصبحت تعيش فرصة الحظ الأوفر. فبادرت بحشد كل إمكانياتها العلمية، والبحثية، والخدمية، لتعظيم قدراتها الاستثمارية، وحضورها الإستراتيجي في خارطة التحول الوطني. وكانت السبّاقة بمرحلة التجديد. لدور فاعل، في تعظيم مستويات التأثير الإيجابي، من مكانه ومنبعه. من واحة الأحساء التاريخية والجغرافية والاقتصادية. موطن التعايش بكل أشكاله البيئية والاجتماعية.