هرب المراهقة «رهف» إلى تايلند، ليست قصة معزولة عما يجري منذ سنوات، وعن تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات للخطف والسيطرة على الأطفال. إذ تتمكن خلايا متنوعة للوصول إلى الأطفال، والمراهقين. وخلايا الشرور، ليست، فقط، أفرادا مهووسين بالفوضوية، بل هي مؤسسات تساندها دول، تعمل تحت عناوين براقة، مثل حقوق الإنسان، والتحرر والديمقراطية، بينما هي انتقائية جدا ومسيسة إلى درجة السوء، وتوجه محركاتها إلى المملكة، وتتجاهل ملايين النساء والمراهقين الذين يكابدون الآلام والأسى، ويعانون سياط الجلادين وخناجر الغادرين، ويتلوون في جحيم العار. هب مهووسون ومنظمات من كل مكان ومن كل لون وكل مشرب، بعذر الدفاع عن مراهقة جرى تحريضها ومصادرة إرادتها، واستغلال تهويماتها الطفولية ونزوات المراهقين وجهلها في صروف الحياة، لتكون مجرد أداة لتصفية الحسابات، ثم سيجري رميها في الوحدة والفقر والضياع، هذا إن لم تسقط في براثن مخالب المافيا ومخادع الظلام وتيه الشوارع. المحركات هبت حالا، لتقديم «استعراضات» كثيفة البهارات، وبكائيات ممزوجة بالحزن والأسى، تحريضا ل«رهف» المراهقة على المضي في الخطيئة، مصحوبا بكيل الإساءات والشتائم للسعودية وحكومتها وشعبها. بل إن مندوب الأممالمتحدة المهيب «وثب»، بعد ساعات قليلة، إلى مطار سوفارنابومي، ل«إنقاذ» رهف و«تعزيز حقوق الإنسان»، بينما هذا المسؤول نفسه وأمميون آخرون، قد «ناموا» ثمانية أشهر بطول لياليها السود التي ألمت بشاب سوري وهو يستغيث في صالة الترانزيت في مطار كوالامبور (من شهر أبريل حتى نوفمبر 2018)، لم يهز ضمير الأمم ولم تأبه «المكائن» لنجدته، وترك لمصيره، ولم تسعفه إلا جهوده الشخصية وأصدقاؤه، ليحل مشكلته. وقد أهمل لأنه، ببساطة، سوري فقير هرب من جحيم اضطهاد حقيقي علني ومجاعة وفقر، وكثيرون وكثيراث من أمثاله يردون على أعقابهم لمواجهة مصائر محتومة غادرة. ومن سوء حظه، وحظ أمثاله، أنهم ليسوا سعوديين، وإلا لهبت الأممالمتحدة ومحركات الحقوق ولهرع المحامون يترون، ولأوصوه أن يقول إنه هارب من اضطهاد المجتمع المغلق، والقيود الحكومية. و«النصيحة الذهبية»، كي يتدبر أمره سريعا، أن يقول إنه «ملحد» أو «شاذ» أو يدعو ل«إسقاط الولاية عن المرأة». أي واحدة من هذه «الوصفات» تحرك الماكينات والخلايا والأممالمتحدة، لكن أيضا أي من هذه الوصفات تحول الضحية إلى أراجوز، يقدم تمثيلية غبية. فإحداهن تضطر أن تغرد كل يوم بشتم المملكة والإسلام، كي تثبت للماكينات والخلايا أنها «ملحدة» وكي لا ينسوها من «المعروف» والرعاية. وإحداهن، خدعت الماكينات وضللت الخلايا، إذ قالت، إنها «سعودية هاربة»، فهبت الماكينات لنجدتها وأحيت الخلايا البكائيات والمناحات والعويل، لكن «طفت» الحفلة وهجد الصراخ، وانفض السمار فجأة عجالى، بعد أن اكتشفوا أنها «سورية»، فتركوها لمصيرها، وليس لديهم مانع أن تعود إلى سياط الجلادين، مع أن نظام الأسد أخطر سلطة على وجه الأرض، إذ قتل نصف مليون من مواطنيه واعتقل أعدادا مماثلة وهدم مدنا عديدة وهاجم الجموع بالكيماويات. وأكثر حفلات الضجيج التي تستهدف المملكة يحييها أطفال منتصف الليل، أي «أيتام أوباما» والمهرجين الرجعيين العرب، الذين يتوهمون أنهم رواد حقوق إنسان، وهم يتميزون، عادة، بأربع خصال، سطحية وببغائية وخبث وعدوانية عمياء ضد كل ما هو سعودي. أقترح أن تعلن المملكة أن أي شخص يود الهجرة ونبذ المجتمع وحتى الدين، عليه أن يتقدم للسلطات وهي تؤمن خروجه فورا و«بلا عودة»، بدلا من أن توظف خلايا الشر المراهقين والمخدرين والمرضى، لكيل الشتائم للمملكة وشعبها. *وتر يا وطن الأقمار والعلى ومهد التاريخ والرسالة الخالدة.. لا تقذف بالحجارة إلا الأشجار المثمرة.. ولا يعادي المهووسون الحاقدون إلا مناقب المعالي..