تتنافس مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية في الدول المتقدمة على تأسيس نظام ذي جودة عالية لإدارة الأداء المؤسسي، وذلك من خلال طرق متعددة تمكنها من الربط بين أهداف المؤسسة وأهداف الفرد بغية الوصول إلى الهدف العام والشامل. إن القائد الإداري المتمكن هو الذي يعرف كيف يجعل أعضاء الفريق مدركين تماما لدورهم المنوط بهم في العمل وبالتالي مواءمة هذه الأدوار مع طبيعة العمل الذي ينبغي عليهم إنجازه بالصورة المتوقعة والتي تقود بالتالي إلى الأهداف العامة. إن إدارة الأداء كمصطلح ظهر منذ أكثر من ستين عاما في الوقت الذي كان أرباب العمل يحددون مقدار المكافأة الشهرية للموظف بناء على تقييم المدير لمستوى الأداء وجودته. فهو وكما يعبر عنه العلماء في مجال الإدارة عبارة عن توجيه السلوك الفردي للموظف لما يخدم المؤسسة ويخدم أهدافها كنتيجة لهذا التوجيه. فكما هو معروف جيدا أنه ولكي يتمكن الفرد من أن يؤدي ما عليه لابد وأن يكون على دراية وعلم بماهية المهمة وتفاصيلها وكيفية إنجاز العمل بالصورة التي تستوجب القبول. وربما من المعضلات الهامة في مجال إدارة الأداء المؤسسي وعوامل تحسين هذا الأداء، وكذلك من الأسئلة المثارة كثيرا في الوقت الراهن، هي على سبيل المثال ما الذي يجعل الأداء عاليا في مؤسسة ما، بينما لا يكون كذلك في مؤسسة أخرى؟ وهل العائد المادي هو الذي يحسن أداء الموظف أم أن التدريب الفعال والمحترف هو الذي يقودنا إلى جودة الأداء أو أن الإثنين معا وبأي مقدار؟ في حقيقة الأمر، لا تتفق جميع الدراسات في هذا المجال حول إجابة واحدة لذلك التساؤل، وذلك يرجع إلى ما يسمى بالأسباب المخفية ذات الأبعاد المتعددة والمعقدة، ولذلك هي تتطلب عمقا أكثر في البحث والتحليل والدراسة. لا يخفى علينا جميعا الفوائد الجمة التي تتحصل عليها المؤسسة كلما أعطت أهمية بالغة لإدارة الأداء فيها، فمن المؤكد أن الاتصال المباشر وغير المباشر ما بين القائد وأعضاء الفريق سيتحسن كثيرا وسيعود بالتالي على جودة الخدمة أو المنتج. وأضيف أيضا أنه أينما تواجد نظام جيد لإدارة الأداء فسيتواجد كنتيجة أفراد يتمتعون بثقافة مؤسسية عالية. ولعل هذا ما تشهده جميع المؤسسات الحكومية في المملكة العربية السعودية التي بدأت في وضع إستراتيجيات فاعلة وحقيقية لتطوير الأداء المؤسسي والوصول إلى التنافسية العالمية، حيث وضعت القيادة الرشيدة التميز نصب أعينها والطريق لذلك واضح ودقيق. والنتيجة تصدر المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة اقتصاديا على مستوى العالم، كونهما ثنائيا اقتصاديا يشكل 48% من الناتج المحلي للدول العربية. كما تشكلان مجتمعتين المرتبة ال16 عالميا من حيث الناتج المحلي، وهذا يرجع إلى عمق الرؤية التي تتحلى بها القيادتان الحكيمتان.