"إفلات من العقاب".. تحذير دولي من استهداف ترامب ل"الجنائية الدولية"    اتصالات «مصرية - عربية» لتوحيد المواقف بشأن مخطط التهجير    حائل: القبض على شخص لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين    تعاون برلماني بين السعودية وتايلند    المسلم رئيس لنادي الطرف لاربع سنوات قادمة    الإتحاد في انتظار موقف ميتاي    فقدان طائرة تحمل عشرة أشخاص في آلاسكا    الخريف يبحث الفرص الاستثمارية المشتركة في التعدين مع الهند    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    المفوض الأممي لحقوق الإنسان: عنف أشد "سيحل" شرقي الكونغو    واشنطن ترفض مشاركة«حزب الله» في الحكومة الجديدة    الأندية الإنجليزية تتفوق على السعودية في قائمة الانفاق في سوق الشتاء    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    "تعليم الرياض" يتصدرون جوائز معرض " إبداع 2025 " ب39 جائزة كبرى وخاصة    3 مستشفيات سعودية ضمن قائمة "براند فاينانس" لأفضل 250 مستشفى في العالم    أسعار النفط بين التذبذب والتراجع.. لعبة التوترات التجارية والمعروض المتزايد    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    الصقيع يجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.. الحلم تحول إلى واقع    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    طقس بارد وصقيع في شمال المملكة ورياح نشطة على الوسطى والشرقية    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «تبادل القمصان»    ناقتك مرهّمة؟!    «سدايا»: طورنا أقصى قيمة ممكنة في الذكاء الاصطناعي لتبني الاستخدام المسؤول    كأس العالم للرياضات الإلكترونية يضم "FATALFURY" إلى قائمة بطولات الأندية لنسخة 2025    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    أرض الحضارات    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    يا بخت من زار وخفف    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    كيف كنا وكيف أصبحنا    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    الحميدي الرخيص في ذمة الله    تغيير مسمى ملعب الجوهرة إلى ملعب الإنماء حتى عام 2029م بعد فوز المصرف بعقد الاستثمار    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    آدم ينير منزل شريف    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    الشريف والمزين يزفان محمد    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    ملك الأردن : نرفض محاولة تهجير الفلسطينيين    "سدايا" تجمع روّاد الابتكار بمؤتمر" ليب".. السعودية مركز عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهيئات الشرعية في المصارف الإسلامية.. بين استقلالية الفتوى والتبعية

عند استعراض مهام اللجان الشرعية نجد أنها متعددة ومتنوعة، ومنها ما يكون على نوعين: المهام المعنوية وتتمثل في اطمئنان المتعاملين مع البنوك الإسلامية إلى كل ما تقدم إليه من أعمال، والمهام العملية، وهي النظر فيما يعرضه عليها البنك من عقود وأعمال للتأكد من توافقها مع الشريعة الإسلامية، أو وضع عقود أخرى أو إعادة صياغتها أي انها تضطلع “بولاية الإفتاء في البنك”، كما تتابع حسن تنفيذ القرارات التي تتخذها، وتقوم بدور استشاري قبل ممارسة البنك لأي عمل، وعمومًا فهي مكلفة بتوجيه مسار البنك من الناحية الشرعية، طبيعة عملها هذه تتضمن القيام بالإفتاء والحسبة والشهادة، إضافة لأعمال أخرى لا تندرج ضمن أي مما ذكر. فالهيئة من خلال قيامها بالإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بشرعية المعاملات، وقيامها باعتماد الجوانب الشرعية في العقود والمنتجات قبل العمل بها، إنما تقوم بدور المفتي، ولما كان من الأعمال المنوطة بالهيئة القيام بممارسة دور رقابي على نشاطات المؤسسة للتثبت من مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية، والعمل على تصحيحها إن اقتضى الأمر.
كان عملها هذا شبيهًا بما يقوم به المحتسب الذي يراقب الأعمال في السوق للوقوف على مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية وتصحيح ما يظهر له من مخالفات، كما أن قيام الهيئة بإصدار تقريرها السنوي للجمعية العمومية المتضمن إبداء رأيها حول مدى التزام المؤسسة في أعمالها بأحكام الشريعة الإسلامية هو من قبيل الشهادة، أما قيامها بتقديم البدائل للمنتجات المالية والمصرفية المحظورة شرعًا، والإسهام في تطوير المنتجات المالية الإسلامية فهي، إما عقد إجارة بحيث يكون المقابل حسب مدة العمل، أو عقد جعالة بحيث يكون المقابل حسب المنتجات والخدمات التي تم تصميمها، وبصفة عامة فطبيعة العقد بين اللجان الشرعية والجهة المستفيدة غير واضحة، ولعل من أهم الأسباب عدم وجود صورة نظامية متعارف عليها لتكليف اللجان الشرعية من قبل جهة الإدارة المستفيدة، فالراصد لعمل الهيئات الشرعية يظهر له عدم تعامل المؤسسات والهيئات الشرعية بخطاب الارتباط إلا في نطاق محدود، فالغالب الأعم في طريقة ارتباط هيئة الرقابة الشرعية بالمؤسسة هو عدم وجود آلية نظامية وموثقة للارتباط. فبعض الهيئات الشرعية ترتبط بالمؤسسة شفاهة، وبعضها بكتاب أو رسالة قصيرة - من المؤسسة إلى أعضاء الهيئة منفردين - يغلب على محتواها طلب الموافقة على عضوية الهيئة، دون أن يتضمن أي تفاصيل أخرى. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى حداثة عمل الهيئات الشرعية نسبيا عند موازنته بمهنة المراجعة الخارجية، وإلى عدم وجود قوانين أو لوائح أو تعليمات أو إرشادات من الجهات الإشرافية على عمل المؤسسات تختص بعمل الهيئات الشرعية، وكذلك عدم وجود جمعيات أو منظمات متخصصة تعمل على ضبط عمل اللجان الشرعية وترسيخ مبادئ عملها ومعاييره على غرار مهنة المراجعة الخارجية.
إن عدم تنظيم الآلية التي ترتبط بها هيئة الرقابة الشرعية بالمؤسسة له آثار سلبية على كل من المؤسسة والهيئة، وغياب ترتيب هذه العملية يفسح المجال للعفوية والفردية التي لا تنسجم مع أصول ومبادئ العمل المؤسسي الذي تخضع له المؤسسات، وتلاحظ السمة الفردية في طريقة إنشاء اللجان الشرعية، فهي تنشأ ككيانٍ بعد قيام المؤسسة بالاتصال والتنسيق مع أعضاء الهيئة بشكل فردي وصولًا إلى التشكيل المناسب وموافقتهم على عضوية الهيئة.
الوظيفة الأساسية للجان الشرعية:
للجان الشرعية وظيفة أساسية هي تحقيق أهداف واستراتيجية المعاملات المالية الإسلامية التي تعمل كمنظومة متكاملة للمقاصد الشرعية العليا في المنهج الإسلامي، وغايتها تلبية حاجات الإنسان الضرورية والحاجية والتحسينية وفق منهج وأحكام الشرع التفصيلية، بحيث تتخذ المصالح والمفاسد مقياسًا متوازنًا بين مصلحة الفرد والمجتمع معًا وفق الضوابط الشرعية، ومتوازنًا بين عاجل الحوائج وآجل النتائج، فتكون العبرة للاعتبار الشرعي خروجًا من فوضى المقاييس الشخصية وقطعًا لتضاريسها. فالمصالح والمفاسد التي تعتبر مقياسًا للامر في الشرع الإسلامي هو موافقة الأمر لمقاصد الشريعة. وما يهمنا في هذا البحث ليس التكييف الفقهي لطبيعة عمل اللجان الشرعية مع أهميته وإنما توصيف العملية الأساسية التي تختص بها اللجان الشرعية باستقلال عن الجهات الأخرى، وبذلك تخرج وظائف الفتوى والرقابة والتدقيق ومهماتها لاشتراكها مع جهات متعددة ومتنوعة، ويدخل العملية الأساس التي تختص بها اللجان الشرعية والتي يفضل الاقتصار عليها هي: “عملية تصميم منتجات وخدمات مالية وفق مقتضى الفتوى تباع أو تقدم بمقابل”. ولما كانت طبيعة الفتاوى أنها ليست منتجًا أو خدمة جاهزة يجعلها قابلة لأن تكون محل تعاقد على بيع أو خدمة بمقابل أو عائد مادي؛ لذلك احتيج إلى وجود لجان شرعية في جهات الإدارة لاستخراج المنتجات والخدمات المالية وتصميمها وفق مقتضى الفتوى.
وحاصل عمل اللجان الشرعية هو الإشراف على تصميم منتج يباع أو خدمة تقدم وفق مقتضى فتوى معتبرة ويتم ذلك على عدة مراحل هي:
المرحلة الأولى: الجودة الموضوعية وتشمل الفتوى وهي كالآتي:
• تعيين الحكم الكلي الفقهي للواقعة وأن يكون مبنيًّا على أصل شرعي: فالعلم بالحق مقدمة للحكم به، والمفتي لا يستطيع أن يحكم فيما يقع إلا بعد العلم بما يجب، فعلى المفتي إذا أراد تنزيل الحكم على الواقعة تعيين الحكم الكلي الفقهي الملاقي لها، وذلك يكون بتمييز الحكم الكلي من عدة أحكام متشابهة أو متداخلة معه أو باستنباطه بالاجتهاد بناء على أصوله الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع وغيرها من أدلة شرعية الأحكام، أو باتباع عالم سابق قرر حكم المسألة بدليلها أو بالتقليد.
كما أن عليه التحقق من أصله الشرعي الذي يبنى عليه، وهل هو قار أو متغير، فمن الأحكام الفقهية ما يكون مبنيًا على أعراف طارئة أو مصالح مؤقتة، أو غيرها من الاعتبارات التي يتجدد النظر في حكمها بتغير مناطها. وعلى المفتي الرجوع إلى نص الحكم، والتحقق من الشروط والأوصاف المقتضية له من مظانها، ولا يكتفي بحفظه للنص؛ لأنه ربما فاته قيد أو وصف مؤثر.
• أن يكون الحكم مفسرًا: لا يكفي عند تنزيل الحكم على واقعة الفتوى تعيينه وتأصيله، بل لا بد من بيانه وتفسيره، فإذا كان الحكم الكلي قد ورد في عبارات تحتاج إلى تفسير وبيان فلا بد من تفسيره قبل تنزيله على الواقعة؛ حتى يكون حال تنزيله على الواقعة مفهومًا ظاهر المعنى.
• أن تكون الواقعة الفتويَّة مؤثرة في الفتوى: إن الواقعة الفتويَّة هي المحل الذي ينزل إليه الحكم، فلا بد أن تكون مؤثرة في تحقيق مناط الحكم على واقعة الفتوى، فإذا لم تكن مؤثرة في موضع الفتوى فإنها تكون طردية غير مؤثرة في تنزيل الحكم على الواقعة فلا تصح.
• وضوح الواقعة الفتويِّة وبيانها: لا بد أن تكون الواقعة مفهومة وواضحة للمفتي فيستطيع تنزيل الحكم الكلي عليها، فإذا كان فيها خفاء بيّنها وفسّرها بطرق التبيين والتفسير المقررة.
• اشتراك الواقعة الفتويَّة مع الحكم الكلي في الأوصاف المؤثرة: إن تنزيل الأحكام على واقعة الفتوى يتم بانطباق الأوصاف المؤثرة المقررة في الحكم الكلي على الأوصاف المؤثرة المقررة في الواقعة الفتويَّة، وبغير ذلك لا يتم تنزيل الحكم على الواقعة.
• مراعاة أصول تنزيل الحكم على الفتوى: لا يكفي النظر إلى الأحكام الكلية مجردة من أحوال الوقائع وآثارها، بل نظر ذلك لا بد منه؛ وذلك حتى لا ينساق المفتي وراء أمر قد يظهر له من دون تبصّر في آثاره، ولا ينظر إلى باطنه وقرائن أحواله ولا ضرورته وحاجته أو خصوصيَّته وغير ذلك من الأمور.
المرحلة الثانية: الجودة الإجرائية في تصميم منتج أو خدمة تكون وفق الفتوى ومحققة لمقتضاها وهي كالآتي:
• التوصيف المطابق للفتوى: توصيف المنتج أو الخدمة الذي تحققت فيه علة الحكم، وتوصيفه للعمل به وفق الضوابط والمقاصد الشرعية.
• التصميم المطابق للتوصيف: التصميم الأولي لشكل المنتج أو الخدمة وفق التوصيف، وتصميم الإجراء وفق الضوابط وتصميم الأهداف وفق المقاصد.
• ضبط المنتج ليكون قدر استطاعة المنشأة الإدارية: بالاشتراك مع جهة الإدارة يضبط المنتج أو الخدمة؛ لتتوافق مع موارد وقدرات وأهداف جهة الإدارة.
• ضبط المنتج ليكون حسب الوثائق التي تمت إجازتها: ويشمل ذلك النظر الشرعي في إجازة جميع الوثائق ذات الصلة بالمنتج مثل الاتفاقيات والعقود والنماذج وغيرها، تمهيدًا للأمر بالتنفيذ وبذل الموارد في سبيل صحة وسلامة العمل ونجاحه.
إن تشكيل اللجان الشرعية سواءً في مؤسسات مالية واقتصادية أو خارجها يفترض أن لا يقصد به مجرد الاقتصار على إصدار أو تفسير وشرح الفتاوى الشرعية، وإنما يفترض أن يكون المقصود هو الإشراف على تصميم منتجات وخدمات صالحة لأن تكون محل تعاقد بمقابل أو عائد مادي. وأن يتم ذلك دون الإخلال بالحكم الشرعي، وبتوفير أكبر قدر من الموارد والجهد على جهة الإدارة في جميع الأعمال المترتبة على تقديم وتسويق المنتج أو الخدمة، وتعظيم المقابل أو العائد قدر الإمكان، شريطة ألا يكون ذلك مؤثرًا أو منتجًا في الحكم، وإلا لزم مراجعته من قبل اللجنة الشرعية.
إن ما تقوم به اللجنة الشرعية هو بيان ضوابط الحكم الشرعية في أصل الفكرة والإجراءات ثم إجازة المنتج وجميع وثائقه، ويشمل ذلك تصميم الإجراءات اللازمة لتطبيق القرارات وفق ما صدر عنها، وهذا العمل في الحقيقة يعتبر عملية مستمرة لتحويل العمل بالفتاوى إلى خطط عمل مؤسسي لبيع أو تقديم منتج وفق موارد المؤسسة، وبما يحقق أهدافها، ولأجل ذلك يحتاج الأمر إلى وجود منهجية واضحة ومكتوبة ومعلنة تبين دون لَبْس كيفية تحقيق اللجنة للمقصود من كل خطوة من الخطوات السابقة، فكلما زاد توثيق العمل، زادت القدرة على تقدير الجودة الشرعية في العمل.
رابعًا: الإشكالية التي تواجهها جهة الإدارة أو المؤسسة:
بعد أن يتم تحويل العمل بالفتوى إلى خطة عمل مؤسسي لبيع أو تقديم منتج، يتجه جهد الإدارة إلى ثلاثة أعمال مختلفة ومكملة بعضها لبعض وهي:
أ- صياغة التعليمات الإدارية وإصدارها: والتعليمات هي التي تخرج المنتج والخدمة التي تم تصميمهما إلى حيز الواقع، والتنفيذ وبصورة تعكس السياسة الإدارية لجهة الإدارة بحيث تبلغ لجميع من يلزم من الموظفين، فتصدر القرارات للإجابة عن ثلاثة أسئلة هي:
• سؤال “ماذا”: ما العمل الصحيح؟ وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قرارًا تحدد فيه الصورة الصحيحة للعمل المطلوب، ثم يُوصِّف ويوضِّح القرار الصورة الصحيحة للعمل المطلوب.
• سؤال “كيف”: كيف هو العمل الصحيح؟ وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قرارًا توضح فيه خطوات وطريقة العمل الصحيح.
• سؤال “مَنْ”: من يقوم بماذا؟ وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قرارًا يوضح تقسيم العمل والصلاحيات للأفراد والجهات المختصة، بحيث لا يلتبس على العاملين الدور الذي يلزم كل منهم القيام به للإتيان بالأداء الصحيح.
• سؤال “متى”: متى يكون العمل؟ وجواب السؤال يكون بأن تصدر جهة الإدارة قرارًا يوضح متى تبدأ كل خطوة في العمل، ومتى تنتهي، ومن المسؤول، وكيف تكون المسؤولية عن الالتزام بالجدول الزمني لإنجاز الأعمال.
ب- تصميم الإجراءات وإصدارها أو تعديلها: تمثل الإجراءات الخطوات التنفيذية الصحيحة التي تم اعتمادها من قِبل جهة الإدارة للأداء الصحيح، فهي تجيب عن السؤال: كيف ومتى أعرف أن الأداء صحيح؟ (قياس الأداء) فيكون الجواب: باتباع الإجراءات المأمور بها من قبل جهة الإدارة، لذا فهي أداة قياس للعامل يقيس بها: هل أدى العمل بالصورة الصحيحة التي تكفل تحقيق المقصود من العمل؟ فأحيانًا يكون الإجراء المتبع لا يراعي خصوصية وتميز المنتج الجديد، أو الخدمة عن سابقاتها، ويكون الفرق مؤثرًا، بحيث لا تصلح الإجراءات المتبعة لتحصيل المقصود من الأداء المنشود.
ج- توفير الموارد: قد يتطلب تقديم منتج جديد أو خدمة خبرات أو وسائل أو أدوات ليست متوافرة للعامل أو المستهلك، لذا يحسن بجهة الإدارة أن يكون لديها منهجية في تقدير كفاية الموارد اللازمة لتقديم المنتجات والخدمات بالجودة المطلوبة، فالاختلاف في جودة العمل بين المركز الرئيسي لجهة الإدارة، وأبعد فرع مسافةً عن جهة الإدارة، يعود في الغالب إلى فروق في الموارد المتاحة لتحصيل الجودة العالية، وليس الاختلاف في جودة العمل لمجرد فرق المسافة عن المركز الرئيسي، وكذلك هو الأمر بين الفرع الأعلى كثافة من حيث مقدار العمل والفرع الأقل كثافة، فالغالب -وليس شرطًا - أن يعود فرق الجودة إلى فرق الموارد، وليس إلى فرق الكثافة في العمل.
يفترض ألا تحتاج جهة الإدارة إلى تعديل جميع أو التعليمات والإجراءات أو أغلبها، أو توفير موارد جديدة مع كل منتج جديد، أو خدمة تقدم لأول مرة وذلك لسببين: الأول: وجود عامل مشترك في التعليمات وفي الإجراءات وفي الموارد لا يختلف باختلاف المنتج أو الخدمة المقدمة، ويمثل الحد الأدنى اللازم لوجود جهة الإدارة كشخصية اعتبارية أُنشئت لتحقيق هدف محدد، والعمل بطريقة مخصوصة وفق مواصفات وأدوات معينة. والثاني: وجود درجة من التشابه والتجانس تزيد وتنقص بين المنتجات والخدمات المالية، بحيث لا يتطلب الجديد في بعض جوانبه أي تعديل أو تغيير في التعليمات أو الإجراءات أو الموارد المتاحة للعمل.
ومع ذلك يجدر الانتباه إلى الخصوصية المصاحبة لكل منتج أو خدمة، وهي ما يميزه عن غيره من المنتجات والخدمات الأخرى، بحيث ينحصر تصميم الإجراءات وإصدارها أو تعديلها التعليمات وتوفير الموارد اللازمة على هذه الخصوصية، فالتغيير والتعديل يكون على قدر تميز وخصوصية المنتج والخدمة عن سابقاتها.
خامسًا: إشكاليات الموظف والعامل:
فالعمل الصحيح أو التطبيق الصحيح مبني على فرضيات ثلاث:
• إشكالية فهم التعليمات: وهي مبنية على فرضية أن رغبة جميع الموظفين تطبيق التعليمات بالصورة التي ترفع من جودة العمل بمستوى موحد، وهذا يرتبط بوضوح التعليمات وتساوي المحفزات، لا من حيث مقدارها، وإنما من حيث إرضائها لحاجات كل قائم على تنفيذ التعليمات، حسب مستوى الجهد المبذول وأهمية الجزئية التي يقوم بأدائها للعمل بمجمله، والمؤمل من قبل جهة الإدارة ألا يكون هناك اختلاف يترتب عليه أثر منتج في تغيير حكم العمل نفسه، أو منتج في أن تكون الجودة ضعيفة، وهذا بدوره مبني على تحقيق الفرضية الثانية وهي:
• إشكالية العمل بالإجراءات: وهي مبنية على فرضية أن رغبة جميع العاملين في تطبيق التعليمات ستكون بمستوى واحد، وذلك مرتبط إلى حد ما بأن تكون راحة العاملين للإتيان بالإجراءات اللازمة متساوية إلى درجة ترفع من جودة العمل. وهذا بدوره مبني على تحقيق الفرضية الثالثة وهي:
• إشكالية استخدام موارد العمل: وهي مبنية على فرضية أن رغبة جميع الموظفين استخدام جميع الإمكانات المتاحة لتحصيل الجودة العالية في العمل واحدة، فقد يكون في الفرع الرئيسي لجهة الإدارة من الإمكانات نفسها الموجودة في أبعد فرع عن المركز، إلا أن الحوافز المؤثرة في الرغبة بالأداء الجيد ليست نفسها بحيث تكون فرص الترقية لمنصب قيادي لعامل متقن لعمله في أبعد فرع عن المركز شبه معدومة، بالمقارنة مع العامل المتقن لعمله في الفرع الرئيسي الذي تكون فرصة ترقيته إلى منصب قيادي شبه مضمونة، ومتى وجد هذا الفرق يكون محبطًا ومؤثرًا في ضعف الجودة، كلما بعدت جهة تقديم الخدمة عن دائرة نظر الإدارة العليا وانتباهها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.