لا تنمو وتتطور الشركات إلا عندما تتوافر لها الثقافة المؤسسية التي تنطلق منها نحو الشراكة الفاعلة في تنمية الاقتصاد السعودي الذي تفتقر مؤسساته لعدة محاور هامة لتطويره، ومنها الرسالة والرؤية والأهداف والاستراتيجيات والموارد اللازمة للوصول إلى الأهداف. وهنالك الكثير من مظاهر الثقافة المؤسسية وأبرزها الوقت وإدارته ليستغل بكفاءة عالية تسهم في تطوير منتجات وخدمات الشركات السعودية. الوقت مورد هام في مدخلات العملية الإنتاجية غير الملموسة لأن الكثير من الناس لا يشعرون بما يعنيه الوقت في المنافسة وسرعة التجاوب مع حاجات ورغبات وميولات الزبائن، لذلك يتحتم على إدارة الشركة وموظفيها ترسيخ ثقافة الوقت في الأداء والحضور والانصراف. الحقيقة التي لا تغبط عليها غالبية الشركات السعودية هي أنها لا تقيم للوقت الاعتبار الذي يساعدها على تحقيق أهدافها المنشودة، حيث لا نجد الخطط الاستراتيجية التي تحقق في المدى الطويل، ناهيك عن الخلط بين الخطط التكتيكية والخطة الاستراتيجية من حيث المدة الزمنية. وتدار الأمور في المؤسسات بطريقة غير مهنية، حيث ينقض رب العمل ما قام به المدير من غير موضوعية وبشكل مزاجي ليبرز أنه صاحب الرأي والقرار. وتبرز الخلافات العائلية في المؤسسات العائلية ما يجعلها تتخبط في أدائها وبالتالي تتفكك لتفاقم الصراعات. ومن النادر أن تجد ثقافة مؤسسية تنطلق من رسالة ورؤية استراتيجية لعدم توافرها لأنها قامت بطريقة عشوائية لا تقوم على أهداف واضحة. الثقافة المؤسسية تقوم على مبادئ مشتركة يعتقد فيها جميع أفراد المؤسسة من المدير العام في قمة التنظيم إلى الموظف البسيط في أسفله، بحيث يعتبر الفرد الخارج عن هذه الثقافة مخالفا لمبادئها، ويجب عليه تصحيح وضعه لينسجم مع ثقافة وقيم الجماعة داخل التنظيم. ومهما كان التباين الثقافي الفردي فإن التباين الثقافي المؤسسي يبقى متماسكاً لأنه مبني حول المؤسسة لخدمتها في سبيل تحقيق أهدافها وبالتالي رفاهية المؤسسين والموظفين والمجتمع. ومن المؤكد أن المؤسسات التي تتمتع بثقافة مؤسسية عالية تعمل بمهنية عالية ما يجعلها اكثر نجاحاً من غيرها من المؤسسات التي تعمل بعشوائية غير هادفة وغير مهنية. ثقافة التخطيط تقوم على المعلومات الدقيقة لصنع القرارات في ما يخص الأهداف المستقبلية وتوزيع الموارد والجدولة الزمنية لتحقيقها، لذلك تلعب المعلومات الدور البارز في ثقافة المؤسسات الناجحة لأنها مركزية في ثقافة صناعة القرار. والحلول المرتقبة للرقي بالثقافة المؤسسية تكمن في فتح المجال للمبدعين والمبادرين من الموظفين للمشاركة في تصميمها (الثقافة المؤسسية) وجعلها مشتركة يعتقد فيها الجميع في جميع المستويات الإدارية في المؤسسة. ويجب الفصل بين ملكية المؤسسة وإدارتها لأن ذلك ثقافة مؤسسية صحية تشير إلى مهنية عالية. والتطبيقات المهنية العالية في التخطيط والتنظيم والإدارة والرقابة والتنسيق والتقييم تساعد على تقوية الثقافة المؤسسية. * أستاذ الإدارة الإستراتيجية والتسويق المساعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن