كل سعودي قرأ البيان السعودي الذي صيغ بلهجة شديدة تقطر بالعزة، لابد أنه شعر بشموخ متناهٍ وخالجه الاعتزاز بقيادته وهو يقرأ الرد المناسب في وقته المناسب على قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الاستفزازي قبل أيام، المتجاوز لكل الأعراف السياسية والدبلوماسية. كانت رسالة البيان واضحة ومباشرة، واتجهت بوصلته نحو كل من تراوده أحلامه المساس بوطننا وقيادتنا، ومهما بلغت التهديدات والابتزازات السياسية والتصعيدات الإعلامية، فإن قادتنا بهدوئهم وحكمتهم وكفاءتهم السياسية كانوا وما زالوا في مستوى المسؤولية، ولهم الكلمة الفصل في إدارة أزمات الوطن والخروج منها بلا خسائر. خبرة سياسية كبيرة حجمت الأزمة وأفشلت جميع محاولات الإضرار بالمملكة، فالسحب السوداء القاتمة التي مرت بسماء المملكة، زالت وتلاشت وكُفينا شرها وأصبحت جزءا من الماضي، وما يجب إدراكه أن هذه الأزمة السياسية ليست أولى أزمات الوطن ولن تكون الأخيرة، فوطن بحجم المملكة وعظمتها ومكانتها الدينية والاقتصادية والسياسية من الطبيعي تكاثر أعدائه، وسيبقى هدفا دائما تتمحور حوله أطماع المتربصين والحالمين بتفتيته وزواله، وما نراه اليوم من تبني كيانات إعلامية عالمية وعربية حملات إعلامية منسقة ومتناغمة في هدفها، وقد توافقت على المحتوى الدعائي المليء بالدعاية السوداء، محرضة العالم على المملكة، ومشوهة صورتها والإضرار بسمعة قادتها، هكذا أرادوها حربا نفسية وكلامية ممنهجة، هدفها العام إحداث شرخ في جدار التلاحم والثقة بين الشعب وحكامه، وهدفها الأكبر استهداف سمو ولي العهد أيقونة الشباب السعودي وملهمهم، الذي يقود قطار مشروعهم النهضوي والتنموي الطموح بسرعة أزعجت أعداءه. عموما هذه الحملات والمؤامرات؛ ما هي إلا واحدة من سلسلة مؤامرات قديمة ضد وجود المملكة، فالذاكرة السعودية ما زالت تحتفظ بمؤامرات الخمسينيات والستينيات التي تزعمتها دول اليسار والدول الاشتراكية، التي حاولت يوما ما اجتثاث المملكة وتدميرها، ولكن التاريخ شهد على زوال تلك الأنظمة المتآمرة، وبقيت دولة المبادئ شامخة على مر الأزمان، والتاريخ يعيد نفسه، فالمأزومون ليس همهم نصرة العدالة ولا البحث عن الحقيقة، فقد هرولوا باتجاه تسييس القضية وتعمد الإضرار بالمملكة، وما زالوا يوظفون تلك القضية التي باتت شأنا داخليا توظيفا سياسيا شيطانيا، رغم أن العالم يجمع على أن الإجرام ليس من أدبيات المملكة الدينية ولا السياسية. عموما المملكة ليست بدعا من الدول التي تعرضت لأزمات سياسية أو اقتصادية، والحملات الإعلامية المسعورة ضد وطننا مستمرة باستمرار تمسكنا بثوابتنا وولائنا، ولعل من إيجابيات هذه الأزمة، رغم سوئها، أنها كشفت بوضوح كثيرا من الحقائق والوجوه، وكانت اختبارا عمليا للمواقف وعمق العلاقة. والراصد للمواقف يجد أن هناك شرفاء جاءت مواقفهم سريعة ومتضامنة ومساندة للمملكة، وآخرين انقلبوا تماما في مواقفهم، وأسوأهم من استغل هذه القضية ليمارس الابتزاز والكيل بمكيالين طمعا بمكاسب مادية وسياسية. على كل حال هذا الاصطفاف الحاقد ساهم في تقوية اللحمة الوطنية، وفي هذا المعترك أثبت المواطن السعودي للعالم، أن الوطن ليس شعارا يرفع، فالجميع قرأوا الأزمة بعقولهم واستوعبوا حجم الاستهداف لكيانهم، فكانوا جميعا منصات دفاع شرسة عن الوطن وقادته، ولم يسمحوا بإحداث (الفوضى الخلاقة) في وطنهم.