تعمل أكبر إقتصادات العالم على تعزيز إقتصادها من خلال دعم ورعاية مختلف أنواع الصناعات والتي تشكل ثقلاً وعموداً لإقتصادها الوطني ، ومن أهم تلك الصناعات صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية والتي حلت مباشرة بعد الصناعات النفطية في كثير من الدول الصناعية والنامية مما جعلها جزءاً هاماً من ناتجها القومي. في الاسبوع الماضي أُعلن عن ترقب لدخول عشر مصانع أدوية جديدية في دائرة الإنتاج خلال العامين المقبلين في المملكة ، وبالرغم من أهمية هذا الخبر إلا أنه لم يأخذ التسليط الإعلامي الكافي الذي يراعي مدى تأثيره إقتصادياً على السوق السعودي الذي سيشهد ثورات صناعية عديدة في مختلف القطاعات المهمة تماشياً مع رؤية المملكة المعلنة. كتبت سابقاً عن القطاعات الضعيفة في المملكة والتي تحتاج لإهتمام أكبر في الفترة الحالية تماشياً مع المتغيرات الإقتصادية التي يشهدها الإقتصاد السعودي ، ومن أهم تلك القطاعات قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية ، فالسوق السعودي مازال يعتبر من أكثر الأسواق المستهلكة للأدوية والمستلزمات الطبية على مستوى العالم العربي ، ومازالت المصانع الحالية تغطي نسبة قليلة من إحتياج المملكة من الأدوية ، والإهتمام في هذا القطاع سيكون له أثر كبير في تقليل حجم المصاريف التي تنفقها الحكومة على القطاع الصحي حيث أن الدواء والمستلزمات الطبية يعتبران من أهم بنود التشغيل الطبي. دخول مصانع جديدة للأدوية بالإضافة لجلب إستثمارات أجنبية في هذا القطاع سيكون له أثر في تطوير الشركات المحلية الحالية وسيدعم من حصولها على براءات إختراع حصرية وتطوير البحث العلمي في نفس القطاع ، ومن خلال تلك الإستثمارات سيتم توفير فرص عمل مناسبة للكوادر المحلية المتخصصة في هذا القطاع والتي تعتبر قاعدته الوظيفية شبه محدودة وتحتاج لتوسيع أكثر. صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية تحتاج للكثير من الصناعات الداعمة مثل صناعة مواد التعبئة والتغليف بالإضافة لصناعة المواد الأولية الفعالة والمساعدة ، وفي الوقت الحالي نجد أن هذا القطاع يواجه تحديات عديدة وينبغي إيجاد الحلول اللازمة لتجاوزها ، ومن أهم تلك التحديات مدى توافر المواد الأولية الفعالة ، وكثرة الشروط وصعوبة الإجراءات التي تفرضها بعض الجهات ، وإرتفاع تكلفة الكوادر المؤهلة للعمل فيه بالرغم من وجود أعداد كبيرة من الكوادر المحلية "من الجنسين" ولكن ينقصها التدريب والخبرة في نفس المجال ، بالإضافة لإعتماد شبه كلي على الواردات من أوروبا بسبب جودة صناعتها ومن أجل الوفاء بالطلب المحلي نتيجة لعدم كفاية إنتاجنا المحلي وغياب قدرات الأبحاث لدى الشركات المحلية الحالية. كوجهة نظر شخصية أرى أنه من المهم أن يتم التركيز على جلب إستثمارات أجنبية قوية للمملكة في هذا القطاع ، وهذا التوجه لن يتم بالشكل الصحيح إذا لم يتم التسويق له بالطريقة التي تعكس مكانة المملكة إقتصادياً خاصة في المرونة التي يشهدها السوق السعودي في تسهيل إجراءات جذب الإستثمارات الأجنبية خلال الفترة الحالية ، وبالإضافة لذلك التنسيق مع صندوق الموارد البشرية لإعداد برامج تدريبية مكثفة "داخلية وَ خارجية" لتهيئة الكوادر المتخصصة الحالية للعمل في هذا القطاع خلال الفترة القادمة وذلك من خلال التوجه للإستعانة بالخبراء والمختصين الأجانب لزيادة التراكم المعرفي في هذا القطاع. ختاماً: بعيداً عن التشاؤم والتفاؤل وحتى تكون التوجهات واضحة ومثمرة ، في الوقت الحالي نحتاج للتركيز على رفع معدلات تغطية إحتياج السوق السعودي من الأدوية والمستلزمات الطبية وذلك من خلال مصانع متواجدة في المملكة ، ومن ثم النظر في التوجه للتصدير الخارجي من خلال رسم إستراتيجية واضحة لتقليل حجم الإستيراد.