تحتضن الرياض القمة الخليجية لدول الخليج العربية في أجواء إقليمية ودولية حرجة، تقتضي تكاتفا خليجيا كبيرا للخروج بالمنطقة من أزماتها الراهنة، وحمايتها من كل ما قد ينال من أمنها واستقرارها، في الوقت الذي يتربص بها أعداء عرفوا بتآمرهم السافر على دول الخليج العربية، تنفيذا لأجندة خارجية، لا تريد الخير لهذه المنطقة، بل تعمل دوما على إضعاف دول الخليج العربية، رغبة منها في السيطرة عليها، والعبث بمقدراتها، واستغلال ثرواتها، وتفكيك وحدتها، وزعزعة الأمن في ربوعها، فكان قدر دول الخليج العربية أن تواجه هذه الرياح الفاسدة بالمزيد من التآلف والتكاتف، من خلال العمل الخليجي المشترك، وبناء مستقبلها على أكتاف أبنائها، وأشقائها العرب. من يتآمر على دول الخليج، يجهل التلاحم الأسري والاجتماعي والوطني بين أبناء هذا الخليج، ولا يضع في اعتباره أن أي جهود لتشويه هذه العلاقة هي جهود فاشلة، تذروها رياح العلاقات الوطيدة بين أبناء هذه المنطقة، مهما طرأ على هذه العلاقات من فتور هو في حقيقته فتور طارئ، لا يمكن أن يدوم حسب المعطيات التاريخية، والعلاقات الأخوية، والمصالح المشتركة بين هذه الدول، ومهما طال زمن الخلافات، فإنها زائلة لا محالة، وأي جهود لتعكير أجواء الخليج بالفتن والنزاعات فإنها لن تدوم بإذن الله. الرياض ليست بيت الخليج فقط، بل هي بيت العرب والعالم، في رحابها يلتقي الجميع على المحبة والخير والعمل المشترك لإنقاذ العالم من ويلات الفتن والخلافات الطاحنة التي لن تجدي نفعا، ولن تحل إشكالا، ولن تؤدي إلا إلى طريق مسدودة، تضيع في ظلماتها معالم العمل الخليجي المشترك والبناء الهادف. أبناء الخليج في هذا الوقت هم بحاجة للتآلف والتأزر أكثر من أي وقت مضى، فقد استشرت جهود أعداء الأمة للإساءة أكثر لدول الخليج العربية، والتآمر عليها، وفت عضدها، وهو ما يعمل على صده قادة هذه البلاد، ومعهم أشقاؤهم من قادة دول الخليج العربية الأخرى، الساعين لأمن دول الخليج واستقرار شعوبه، والكل يرى ما جلبته المشاحنات من ويلات على الدول المجاورة، وما آلت إليه تلك الدول من انهيارات شاملة في السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية، وتخريب البنى التحتية فيها، وتهجير الآمنين من أبنائها إلى المجهول، وكل هذه المؤشرات تؤدي إلى القناعة بأن قوة الخليج، تكمن في تكاتف قادته، والتفاف شعوبه حول قادتهم، ليتحقق العمل الخليجي المشترك الذي يضمن وحدة دول الخليج العربية وتضامنها للوقوف في وجه أعدائه، وصد رياح العدوان عن أجوائه، وتمكين أبناء الخليج من القيام بواجباتهم الوطنية، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة لهم ولأجيالهم القادمة. إلى القمة الخليجية في رياض الخير والمحبة، تتوجه القلوب، وترتفع الأكف ضارعة إلى الله تعالى بأن يزيل عن سماوات الخليج كل ما يعكر أمنه واستقراره، ويسيء إلى منجزاته وازدهاره.. وقد كانت الرياض دائما وأبدا تفتح ذراعيها لكل عمل خليجي ناجح، وكل عمل إنساني مثمر، لأن مسؤولياتها التاريخية تحتم عليها العمل لحماية أمن واستقرار المنطقة والعالم، وما زال الأمل كبيرا، بأن يعي الجميع هذه المسؤولية في مستوياتها الإقليمية والدولية، وهذه هي الوسيلة الوحيدة للحد من أطماع الطامعين، وشر الحاقدين، ودرء الأخطار عن هذه المنطقة الهامة من العالم، بإمكاناتها الاقتصادية الضخمة، ومكانتها السياسية الهامة في عالم اليوم.