كان حدثاً استثنائياً إقامةُ معرض لأعمال الطفلة «فاطمة مصطفى آل يوسف» وهي لم تبلغ الخامسة من عمرها، وهو أمر يحدث للمرة الأولى في المنطقة الشرقية وربما على مستوى المملكة. وقد لقي المعرض الشخصي الأول لطفلة السنوات الخمس إقبالا ممتازا حتى مددت إدارة الجمعية العرض ليومين إضافيين! وقد سُئلت كناقد تشكيلي وخبير بالقيم الجمالية والإبداعية: إن كانت الطفلة الفنانة فاطمة وموهبتها تستحق هذا الاهتمام لدرجة إقامة معرض شخصي لها؟ وكان جوابي: نعم تستحق لأنها تملك موهبة فطرية أكيدة، وقد عاينت بنفسي أعمال ورسومات فاطمة مباشرة، بل راقبتها وهي ترسم بعض لوحاتها وحاورتها عما ترسمه وهي في سن لا يستطيع فيه بعض الأطفال ضبط مسك القلم بأيديهم. لقد أبدت فاطمة في رسومها مقدرة غير عادية على التخيل، وقوة مبادرة في رسومها لحكايات سمعتها من والدتها الفنانة آيات هلال، وقدرة استثنائية على التذكرة والتقاط العلامات المميزة ويقظتها تجاه التفاصيل في رسومها. هذا غير الخط الواثق الذي تحيط به أشكالها التي ترسمها فلا يُلحظ أي اضطراب أو تردد، وملء المساحة التي يحيطها الخط بدقة بلون تقرره. هذا غير التوازن بين العناصر التي توزعها في مساحة اللوحة والترابط اللوني، فحين تضع اللون الأخضر مثلاً تراها توزع الأخضر في تناغم مع الأخضر الذي وضعته في المرة الأولى. هذا غير التنوع اللوني بين الألوان الحارة والألوان الباردة. كما تتميز رسوم الفنانة الطفلة فاطمة بأسلوبية واضحة برسم بعض العناصر إذ يمكن أن نطلق على الشجرة التي ترسمها فاطمة ب«شجرة فاطمة». وعلى نحو مماثل، يمكن أن نتلمس «نخلة فاطمة»، و«عصافير فاطمة» و«خروف فاطمة» وحتى «أطفال فاطمة» الذين ترسمهم فاطمة بطريقة معينة.. كل ذلك بالإضافة إلى مخيلتها المحلقة بتخيل المشهد الذي تخلقه الحكاية التي ترويها لها أمها، كما في رسمها ل«سندريلا» و«علاء الدين» و«البساط السحري» و«حادثة الفيل والطير الأبابيل». لقد رسمت الطفلة الموهوبة فاطمة كل ما يحيط بها وهي التي وجدت نفسها في مرسم أمها وخالتها الفنانتين، وقد أمنت لها أمها الأدوات وحاورتها عن أعمالها. وتقول أمها: إنها لم تصحح لها أي شيء على الإطلاق، بل كانت ترفض في أحيان كثيرة مقترحات أمها الفنانة وتصر على طريقتها في الرسم. ولا شك أن الظروف الإيجابية المحيطة بالطفلة الموهوبة كان لها الأثر الكبير في رعاية هذه الموهبة الفذة لدى الطفلة الفنانة فاطمة. ولا شك أن الاكتشاف المبكر لموهبة الطفل ورعايتها بالحوار معه حول إنتاجه الإبداعي دون التدخل المباشر أو تصحيح ما يرسم بل ترك الحرية الكاملة للطفل ليرسم كما يشاء، فإن كانت الموهبة حقيقية تتفتح وتعط رؤية إبداعية قوية كما في حالة الطفلة الفنانة «فاطمة ال يوسف» وقد كان اقتراح إقامة معرض شخصي أول للطفلة فاطمة مني شخصياً وقد عملت عائلتها بشكل عام وأمها بشكل خاص وبالتعاون من مسؤولة الفنون التشكيلية في الجمعية على إنجاح هذا المعرض الاستثنائي.