بدأ بجمع أحرفه وشد رباط كلماته ليفرغها في معرض مرتقب من خلال كتاب، هو ذلك الكاتب القابع في أقصى الشرق السعودي من المملكة، والذي طالما تمنى أن تلتفت إليه ملتقيات النخب الثقافية التي تقام في مناطق بعينها كل سنة دون الأخرى، فقد اشتد حماسه وثارت مِحبرته عندما لاح في الأفق بعض الأخبار السارة بإقامة معرض للكتاب في المنطقة الشرقية بعد طول انتظار، إذ إنها قادرة على أن تكون منارة ثقافية وقِبلة للعلم والأدب من خلال الحراك الثقافي الذي ستنشر وهجه إن سنحت لها الفرصة، فهي تعتمد على كثافة سكانية هائلة وقامات أدبية حرصت على أن يكون لها بصمة في المشهد الثقافي من خلال تواجدها في معارض الكتاب، سواء في الرياض أو جدة أو القصيم وتطمح لأن يكون للمنطقة ذات الشرف في احتضان المعرض كبقية المناطق. لا شك أن وجود معرض للكتاب في الشرقية سيساهم في حدوث نقلة نوعية معرفية في المنطقة، خصوصا أنها أرض خصبة بالكُتاب والمفكرين، ومنفذ هام على العديد من الدول المجاورة مما يساعد على التبادل المعرفي في إنعاش الفكر وتنوير العقول، فمثل تلك الملتقيات تحفز على خلق بيئة تنافسية بين الكُتاب مع بعضهم البعض وإظهار أفضل ما تجود به قريحتهم، وكذلك بين دور النشر التي لن تدخر جهدا في إظهار تلك «الجواهر المعرفية» في أبهى حلة، وكذلك استثمار تواجد كبار الشخصيات المؤثرة في عالم الكلمة لتلاقح الأفكار وتبادل الخبرات وتذليل الصعوبات التي قد تواجه صناعة الكتاب السعودي. من الجيد أن الكتاب الورقي مازال يثبت اجتذابه للقارئ بالرغم من وجود البديل الإلكتروني، وبالرغم من تلك المسليات الأخرى الأكثر سهولة في الاقتناء والتصفح، وهذا ما نراه جليا في المواسم الثقافية المتكررة والحرص على حضور معارض الكتاب، فهناك من يتكبد عناء السفر لحضور تلك الملتقيات ورؤية آلاف الكتب والمطبوعات واقتناء المراد منها والذي يساهم في توسيع مدارك الوعي بأهمية القراءة، وتنوير الأوساط المختلفة التوجهات بحزم فكرية مدعمة لتوجهاتهم أو مصححة لها. نشر ذلك الخبر البهيج الفرح في قلوب رواد الثقافة والأدب والقراء بشكل عام، فأصدقاء الحرف على موعد مع أمثالهم على مائدة الكلمة. إذ نتطلع إلى استقبال هذا المعرض -إن صح الخبر- بشكل مختلف من خلال التنظيم العالي والمشاركات التي تُعنى بالنوعية الراقية لا الكم الفارغ، فهو مزار لن يخلو من المقاربة والمقارنة مع ما يشابهه من المعارض الأخرى، فالكتب وما تحويه من مضمون تعتبر هوية حضارية أمام العالم أجمع، نتمنى أن يكون للشرقية وكُتابها في عرسها الثقافي القادم الدور الفاعل في برهنة مدى الحاجة الملحة التي كانت عليها المنطقة لمثل هذا المحفل.