انتقدَ الباحث في علم الجريمة، الدكتور أحمد عسيري نظرة الآخرين للأدب البوليسي بأنها نظرة دونية، وأنَ البعض يراها من أجل التسلية وأنها ليست أدبا، ولا تخضع لمقياس معين، وأنها دائمًا هي جريمة، وقاتل وتحقيق وتثبت، محددةً في إطار محدد ليست مثل الروايات الأخرى الاجتماعية التي نستطيع أن نقول إن الرواية انعكاس لحياة الشعوب، حيث يعتقدون أن الأدب البوليسي ليس أدبا كاملا لربما بسبب أن أول ما عرِف العالم العربي النصوص البوليسية عن طريق مصر، وتحديدًا عن طريق، نبيل فارق، في رواية «الرجل المستحيل» وكانت موجهة للأطفال فتكون لدى البعض أن هذا الأدب للأطفال، لتظل في نطاق القيم ونظرة الآخرين، وقال خلال ندوة بعنوان «أدب الجريمة والأدب البوليسي..قراءة ومفاهيم» أقامها الصالون الثقافي لجناح المملكة العربية السعودية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب الأربعاء الماضي إن الأدب لدينا كانت بدايته جادة وقاسية في نقده وقال: «إذا خرجت من السياق نتحدث عن الفضيلة والأعمال الخيرية وهي محببة ولكنها لربما تؤطر من التخيل والانطلاقة الفكرية». وأضاف عسيري: إن أدب الجريمة هو من الأجناس السردية ذات المقروئية العالية، وله حضوره، ومعرف بجذوره التاريخية لكنه بغير ذات المسمى، فقد حضر منذ بدء الخليقة متدرجًا من الحضارات الإغريقية من خلال جزئية منه، عبرت عن الحضور الأدبي والتاريخي إلى أن ظهرت لظروف معينة بعض النصوص بالعصر الوسيط بما عُرف بالأدب البكر «سيكي والقوطي» ولها معطياتها ودلالاتها على أوضاع المجتمع آنذاك. وأوضح الروائي والناقد في علم الجريمة أن في العصر الحديث ظهر رواد أعادوا إحياء هذا الجانب بالقصة والرواية البوليسية، وظهر مُنتج متنوع تطور بتطور ضروب الحياة ومتغيراتها، وربما عكست جانبًا من خبايا بعض المجتمعات من خلال عناصرها وبناءاتها واتجاهاتها الفنية لتأتي بالعديد من الأنواع، وإن اختلفت في المسمى كالإثارة، والتشويق، والجاسوسية، والتاريخية، وأحيانًا بخليط مع أدبيات الخيال العلمي وما يعرف بالرعب، مبينًا أن النص البوليسي أو الجرائمي يتميز بأن حواره متوتر جدًا، بالإضافة إلى أن الشخصيات الموجودة في العمل «النص البوليسي» محدودة جدًا وجوهرها هو الوقائع الإجرامية. وقال عسيري: لا أعتقد أنه سيكون هناك إنتاج بذلك القدر، فهناك مسلسلات ليس فيها الجريمة والعقاب هو الأساس، كما يوجد لدينا أسماء سعوديين لمن كتبوا، مثل روايات عبده خال ومنها «ترمي بشرر» وفيها بوليسيات ولكنها ليست مقصودة بذاتها، وأيضًا عبدالحفيظ الشمري. وختمَ حديثه مُعلقًا على الرواية البوليسية الكاملة، قائلاًَ: بالنسبة للرواية البوليسية الكاملة العناصر لربما كانت موجودة في رواية «اغتيال صحفية» للكاتبة السعودية فاطمة العمر، وهي قبل ثلاث سنوات، وهناك رواية عبدالله الوصالي، وهي تمثل الأدب البوليسي بالتمام لأنه وضعها في سرد مشوق ومن ثم قدمها بعنوان «بمقدار سمك قدم» وأيضًا «المتاهة الرمادية» فهي جميلة جدا ولكنه وضع أحداثها خارج البلاد، بسبب أنه اضطر إلى أن يضعها في مجتمع المافيا، لعدم وجود الجريمة الكاملة لدينا.