أجمعَ المثقفون والمختصون على أن «الأدب البوليسي» ظلَ تائهًا ومُغيبًا لدينا، ولم يحظ بالاهتمام الكبير، كذلك لم يتجه أصحاب الموهبة الكتابية إلى سرد قصص بوليسية قد تُحول إلى أفلام سينمائية تُحقق مشاهدات عالية، باعتبار أن هذا الفن مطلوب لدى كثير من عُشاق السينما، مُناشدين الجهة المختصة بفسح المجال، وشحذ همم الكتاب؛ لإعداد نصوص بوليسية تندرج ضمن ذلك الأدب في المملكة، والسعي لإبرازه والظهور من خلاله. جاء ذلك من خلال ندوة أقامها الصالون الثقافي للجناح السعودي بمعرض الكتاب الدولي في الشارقة، تحت عنوان «أدب الجريمة والأدب البوليسي .. قراءة ومفاهيم»، أدارها المشرف على الجناح السعودي الدكتور محمد المسعودي، حيث انتقدَ الباحث في أدب الجريمة ورئيس نادي تبوك الأدبي سابقاً الدكتور أحمد بن حسين العسيري نظرة الآخرين إلى الأدب البوليسي، وأنَ البعض يراها من أجل التسلية، وأنها ليست أدبا، ولا تخضع لمقياس معين، وأنها دائمًا جريمة، وقاتل، وتحقيق وتثبت، تدور في إطار محدد، ليست مثل الروايات الأخرى، حيث يعتقدون أن الأدب البوليسي ليس أدباً كاملاً. وقال «عسيري»: أدب الجريمة هو من الأجناس السردية ذات المقروئية العالية، وله حضوره، ومعروف بجذوره التاريخية، وفي العصر الحديث ظهر رواد أعادوا إحياء هذا الجانب بالقصة والرواية البوليسية، وظهر مُنتج متنوع، تطور بتطور ضروب الحياة ومتغيراتها، وربما عكست جانبًا من خبايا بعض المجتمعات من خلال عناصرها وبناءاتها واتجاهاتها الفنية لتأتي بعديد من الأنواع، وإن اختلفت في المسمى كالإثارة، والتشويق، والجاسوسية، والتاريخية، وأحيانًا بخليط مع أدبيات الخيال العلمي وما يعرف بالرعب. وعن أدب الجريمة في عالمنا العربي أضاف: «لم نصل إلى الطريقة المثلى للإنتاج البوليسي المقنع، فهناك ما يتعارض مع النصوص، إضافة إلى أنه لا يوجد لدينا محدد منهجي، وأنه في الجامعات أو المقار العلمية أو النقاد لا يأخذونه بالمأخذ الجاد، فالقيم لدينا تحب النهايات السعيدة في بعض المرويات، وكذلك النص يكون في بعض أجزائه ما يُعتقد أنه يمثل تقليدا للناشئة، فالوضع الاجتماعي هو ما يحد في ذلك، لذا لن يكون هناك إنتاج بذلك القدر، فهناك مسلسلات ليست فيها الجريمة والعقاب هو الأساس، ورغم ذلك توجد لدينا أسماء سعودية كتبت، مثل روايات عبده خال وعبدالحفيظ الشمري، فيها بوليسيات ولكنها ليست مقصودة بذاتها، وهناك ممن كتب بكامل عناصر الرواية البوليسية مثل رواية «اغتيال صحفية» للكاتبة السعودية فاطمة العمرو، ورواية «بمقدار سمك قدم» لعبدالله الوصالي.