في مثل هذه الأيام، ومع دخول موسم البرد والأمطار وجمال الأجواء، يحلو لكثير من الشباب والعائلات الخروج للمتنزهات البرية وسفوح الجبال المنتشرة في بعض مناطق المملكة فيما يعرف (بالكشتة البرية)، بعيدا عن صخب المدينة وضجيجها، خاصة في ظل توافر الكثير من المناطق البرية الخلابة في بلادنا واهتمام هيئة السياحة بتلك الأماكن لجعلها متنفسا للعائلات ولمن يودون قضاء وقت ممتع سواء مع نهاية عطلة الأسبوع أو قد تمتد فترة مكوثهم في البر أكثر من ذلك، فينصبون الخيام التي قد تكون أحيانا قريبة من مراعي الإبل والأغنام، فيذهب هؤلاء المتنزهون لملاكها للحصول على الحليب الطازج، ويجتمعون حول النار في الليل يتسامرون ويتبادلون الأحاديث، يجد هؤلاء المتعة في الجلوس في البر لأيام عديدة ويستمتعون بتجهيز المكان وجمع الحطب حتى أن البعض يفضلون أن تكون وجبة العشاء ذبيحة يقومون بطبخها على الحطب ومن ثم إعداد الشاهي. يكون لدى بعض هؤلاء المتنزهين جدول للأنشطة الترفيهية، قال لي أحد الزملاء ممن لا يفوت الفرصة في مثل هذه الأوقات للخروج والاستمتاع بالبر إنهم يفضلون الخروج لأماكن لا يوجد بها شبكة جوال خوفا من أن يفسد وجود الشبكة أجواء جلستهم لانشغال البعض بتصفح المواقع أو الرد على وسائل التواصل الاجتماعي. بالطبع جميل أن يستمتع المتنزهون بأجوائهم بعيدا عن استخدام الجوال، ولكني شخصيا لا أحبذ فكرة اختيار أماكن لا يوجد بها شبكات الجوال لأنه لا قدر الله لا يستطيع أحد التنبؤ بما قد يحدث، قد يحصل شيء طارئ يستدعي التدخل السريع أو طلب الدفاع المدني أو الإسعاف. بعض السلوكيات البسيطة من المتنزهين تحول طلعتهم للتنزه والمتعة إلى كارثة حقيقية لا قدر الله، وخاصة في ظل تكرار نداءات الدفاع المدني وتكرار التحذيرات التي يطلقها نجد أن البعض مستهتر بهذه التحذيرات، فنراه ينزل متعمدا للاستمتاع في هذه الأماكن الخطيرة للوديان ومجاري السيول، معتمدا على أنه يجيد السباحة أو أن مركبته ذات الدفع الرباعي تستطيع الدخول في الفيضانات والأمطار ومجابهة المخاطر، فتتوقف مركبتهم ويعرضون حياتهم وحياة من معهم والآخرين في الطريق للخطر. مئات البلاغات التي تلقاها الدفاع المدني وأمن الطرق في مختلف مناطق المملكة لأشخاص يطلبون المساعدة والإنقاذ بسبب احتجاز مركباتهم نتيجة الأمطار والسيول، ولا يعلمون أن الموت قد يأتي في لحظة بسبب هذا التهور، وهناك بعض الحالات المعدودة انتقلت إلى رحمة الله، أشياء وتعليمات بسيطة قد تنقذ حياتنا أو حياة أحدهم بإذن الله، وهي اتباع تعليمات الدفاع المدني والالتزام بقواعد السلامة بالابتعاد عن أماكن السيول والبقاء في المنزل وقت اشتداد المطر، وتواجد عدة الإنقاذ بشكل مستمر في المركبة لاستخدامها وقت الحاجة، إبلاغ أكثر من شخص من العائلة أو الأصدقاء من الذين سيكونون بالمدينة بالمكان الذي سيتواجدون فيه (خاصة للمتنزهين)، ويا حبذا لو يكون من بين المجموعة أحد لديه إلمام بالإسعافات الأولية أو لديه دورات في عملية الإنقاذ كي يكون جاهزا لأي أمر يستدعي ذلك سواء للجماعة التي برفقته أو ممن حوله من المتنزهين. حفظ الله الجميع من أي مكروه ودعواتي القلبية أن يستمتع كل من في هذه البلاد بأجوائنا الجميلة الساحرة والتي ستستمر عدة أشهر قبل أن يحل الصيف القادم.