بداية، نرفع أجمل التهاني لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين بمناسبة العيد الوطني الثامن والثمانين لتوحيد وطننا الغالي المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس، هذه المناسبة السنوية الجميلة التي نحتفل بها كل عام في مثل هذه الأيام من شهر سبتمبر، ففيها تكون اجازة رسمية لطيفة لكل العاملين في قطاعات الدولة بالاضافة الى طلاب المدارس، وعلى مر الأعوام لاحظت تزايد المناسبات الخاصة التي يقيمها بعض الناس بمناسبة العيد الوطني، فتجد من يقيم مأدبة كبيرة في منزله الخاص وقد زين بالعلم السعودي وباللونين الاخضر والابيض، وآخرون يقيمون احتفالات خاصة للاطفال ويتزينون بألبسة خضراء وبيضاء كما يكون هناك بالعادة كعكة مرسوم عليها الشعار الرسمي للدولة، وغيرها من مظاهر الاحتفال التي يبتدعها الكثير من الأشخاص ومن ضمنها ارتداء قميص مكتوب عليه عبارة «الوطن في قلوبنا». هذه العبارة الجميلة تجسد معاني وطنية كثيرة وعميقة، ويمكن للإنسان أن يكتب الاف الكلمات في عمق معانيها، فهي تلخص الكثير مما يمكن قوله في حق الوطن، الذي أعطانا الكثير، فهو وطن رغم صحرائه وقساوة طقسه أرغمنا على البقاء فيه لشدة جميل عطائه، فقد منحنا من كل شيء أفضله وأحسنه وترك لنا حرية التنقل في أرجاء الدنيا بدون قيود، لنعود بعد ذلك إليه حامدين الله على ما حبانا من فضله ونعمته، ولكن العطاء لا ينحصر في النظرة المادية القاصرة، بل يتعداه الى ما هو ابعد واعمق وأجل، فقد منحنا هذا الوطن تاريخا عريقا في كل زاوية من زواياه وإرثا نفتخر به، وأمنا وأمانا نهنأ بالعيش فيه، فلما توحدت أراضيه توحدت قلوبنا حوله، فأصبح الوطن في قلوبنا. لذلك وفاء منا لهذا الوطن المعطاء وجب رفع شعار «الوطن في أعمالنا»، فأصبح لزاما علينا أن نكون فاعلين ومجتهدين في المساهمة في نهضة هذا البلد لنعطيه بقدر ما يعطينا، وخير تجسيد لهذا الوفاء ما يقدمه جنودنا البواسل في الحد الجنوبي وهم يذودون عن بلادنا ويقدمون أرواحهم الطاهرة فداء له، هذه التضحية وهذا الوفاء الذي يقدمه جنودنا على حدود بلادنا يجب أن يقرن بتضحية مماثلة نقوم بها نحن، فالمعلم المخلص الذي يعطي جل طاقته ليعلم أبناء الوطن بتفان وإخلاص يساهم في رفعة هذا الوطن، والطبيب الذي يؤدي عمله بكل أمانة ورقي، هو أيضا يساهم في رفعة هذا الوطن. لذلك تجليات حب الوطن لا تقتصر بأن يكون الوطن في قلوبنا فقط بل يجب أن يكون الوطن في أعمالنا أيضا، ومظاهر الفرح والاحتفال في جميع الأحوال أفضل من افتعال الاحزان، ولكن ليكن احتفالنا باليوم الوطني تتويجا سنويا للانجازات التي ساهمنا فيها جميعا كمواطنين لرفعة وطننا وعلو شأنه، بإخلاصنا في أعمالنا والحرص على اتباع قول رسولنا صلى الله عليه وسلم بأنه إذا عمل أحدنا عملا فليتقنه، فإذا كان الأمر كذلك لن نعاني من فساد الفاسدين ولا تفريط المفرطين، لأننا ساهمنا جميعا بكل جد وإخلاص من أجل أن يرتقي وطننا عاما بعد عام، ولم نسمح بأن يكون هناك تفريط أو تقصير، لأننا جميعا نريد أن نكون أوفياء لهذا الوطن المعطاء ونعطيه بقدر ما أعطانا. لهذا يكون احتفالنا باليوم الوطني تظاهرة لإبراز ما أنجزناه نحن المواطنين من مساهمات وأعمال متقنة ومبدعة ساهمت مساهمة فاعلة في نهضة بلادنا. حفظ الله الوطن من كل شر ومكروه.