لا يوجد أسهل من الكراهية والبغضاء، أما الحُب، فهو يحتاج نفسًا عظيمة. تلك الصورة تصف لنا الانفعالية الشديدة تجاه الطرف الآخر، في كراهيته وان تعددت الأسباب. إننا جُبلنا على «حب من يحبنا» وتقدير من يجعل لنا قيمة، كتلك الفئة التي تخفض لنا جناح الذل من الرحمة، ليتوسطوا القلب ويكونوا الأقرب إلى نفوسنا. طبعا هي معادلة عكسية ان صار العكس! عندما لا نجد من يقدر قيمتنا ويضعها ضمن القائمة السوداء تكون هنا الأمور «أنا ومن بعدي الطوفان» إن الحب والكراهية في نفوسنا متلازمان كعينين في وجه، ذات علاقة ارتباطية متوازية تنمو بالتساوي، لكن يكمن اختلافها في طريقة التربية التي تساهم في تغليب إحدى هاتين الصفتين على الأخرى وإظهارها كسمة تميز تصرفات الأشخاص. لا أحد ينكر حاجتنا إلى أن نُحِب ونُحب، وليس بالضرورة أن تشملنا محبة كل الناس لكن من الضرر أن تتشعب الكراهية، وهنا لابد أن نبحث عن الخلل حتى لا يعترينا الإحباط، فنضيع الكثير من الوقت في التساؤل لماذا لا يحبني وما الخطأ الذي ارتكبته؟ أحيانًا الكراهية لا تأتي عبثًا فهي تبنى على أسس علاقات مباشرة وتعامل طويل مع الأشخاص وتظهر مع الوقت العديد من التصرفات التي تقود صاحبها إلى كراهية الآخرين له. مثلا الشخص الأناني يتمنى أن تضيق رحمة الله لتسعه وحده وكذلك المتكبرون.. تلك النوعيات تصبح شيئًا مكروهًا من الناس والأبعد عن قلوبهم. لأنه مهما كان الإنسان ودودًا ومحبًا للخير لكن الكراهية والحقد تمكنت منه فمن الأفضل أن يضرب بكل مشاعره اللطيفة عرض الحائط لأنه سيبقى يضمر الانتقام وإيذاء كل من يقف نحوه بانفعالاته والطاقة التدميرية الكامنة داخله. فالكراهية طاعون قاتل دمر آخر سلالة من قياصرة الروس «رومانوف» والتي تنطبق عليهم مقولة جورج بايرون «الكراهية إحساس هو الأطول أمدًا على الإطلاق، الناس يقعون في الحب في لحظة خاطفة ولكنهم يكرهون بتمهلٍ وعلى روية». ولمن لا يعرف تلك المأساة، فسلالة رومانوف من أقوى السلالات الحاكمة في ذلك الوقت، انتهى حكمها بسبب ثورة الشعب وكراهيته لطغيانه، وخلف ذلك الكره وراءه اعدام كل العائلة بطريقة وحشية وعلى أقصى درجة من راحة الضمير كانت «مأساة إنسانية في قلب مأساة تاريخية». المسألة ليست حربًا، لكنها لن تفرق كثيرًا ان تمكن الكره في أعماقنا، فالحياة قصيرة وكلنا إلى الزوال، حبذا لو عشنا بقلب صافٍ يهذب النفس ويشفيها من المشاكسات.