اتفق عدد من الأدباء والمثقفين على أن وجود الموسيقى ضمن الأمسيات الشعرية يعد من أهم تجليات التكامل الفني والإبداعي، لدرجة جعلت من البعض يراها ضرورة ملحة، فيما أكد البعض من خلال الاستطلاع الذي أجرته «اليوم» على ضرورة أن يكون هناك بروفات تجمع بين الشاعر والعازف للوصول إلى صيغة مناسبة للقصائد والمعزوفات حتى لا يدخلوا في منطقة النشاز غير المريح للمستمع. تفاعل الجمهور في البداية أشاد الروائي والكاتب عبدالعزيز الصقعبي بانتهاج العديد من المؤسسات الثقافية في المملكة لإقامة امسياتها الشعرية بمصاحبة عزف موسيقي في الغالب يكون منفردا على العود أو القانون أو الكمان، ليضفي على الأمسية المزيد من الجمال، مشيرا إلى أن ذلك ليس بالجديد حيث كان موجودا حتى وإن لم يكن بكثرة. وأضاف الصقعبي: أعتقد أن ذلك يخلق توازنا بين النص الشعري الإبداعي المقروء من قبل الشاعر والصوت المسموع من الآلة الموسيقية، لا سيما اذا كان الشاعر متميزا والعازف كذلك. واستدرك قائلا: ولكن ليس كل الشعر يصلح أن يشاركه العزف الموسيقي، فبكل تأكيد القصائد الرسمية الحماسية والوطنية وقصائد المدح لا مجال للموسيقى معها، وبحكم كوني مسرحيا، كنت أرى أن الأمسيات الشعرية في السابق تدعو للملل والرتابة لا سيما إذا كان إلقاء الشعراء تقليديا بقراءة منتظمة، حيث يبدأ الشاعر بقراءة القصيدة بنسق واحد بدون أي تشكيل لنبرات الصوت، وينتهي ولا يعرف احد أن القصيدة انتهت إلا عندما يرفع الشاعر رأسه من الورقة، ففي هذه الحالات لن يكون هناك أي تفاعل مع الشاعر أو القصيدة، إلا إذا كان لدى الشاعر ملكة الإلقاء. وختم الصقعبي حديثه بالتأكيد على أن الأمسية الشعرية يجب أن تكون كعرض مسرحي ممتع، من خلال حوار جميل بين تألق الشاعر وإبداع العازف، وهذا لا يتكامل إلا من خلال انسجام بينهما. تجليات الإبداع فيما علق الكاتب محمد مشارقة على أن المشهد الإبداعي بمختلف أركانه وألوانه يعتبر مكملا لبعضه، فكل محاولة لدمج أو تفاعل أو ربط بين لونين إبداعيين أو أكثر تعتبر قيمة مضافة. وقال: بالطبع لا تعتبر الموسيقى في الأمسيات الشعرية نشازا على الاطلاق، بل هي أحد أهم تجليات التكامل وعناوينه، لدرجة يمكن القول: إن ذلك ضرورة ملحة، تسمو بالمتلقي إلى فضاءات مليئة بالجمال والنقاء والأفق المفتوح، مثل هذا التكامل بين هذين اللونين يرتقي بهما ويحقق قفزات نوعية في الحالتين، كما أنه يسهم في زيادة إقبال الجمهور وتفاعله. التوازن مطلوب واتفق القاص خالد الخضري مع المؤيدين لحضور الموسيقى في الأمسيات الشعرية مع بعض التحفظ حيث قال: بالتأكيد الانسجام بين الشاعر وعازف الموسيقى يضفي جوا من الجمال على الأمسية، ولكني أشعر في بعض الاحيان بأن العازف قد يغطي على الشاعر من خلال تفرده بالعزف ليصبح اكثر حضورا من ضيف الأمسية، كما أن مهندس الصوت أحيانا يغفل عن توفير توازن بين صوت الشاعر الذي يفترض أن يكون اقوى واوضح من صوت الموسيقى التي يفترض بها ان تكون كخلفية للشاعر، وهو ما يجعل الحضور غير قادرين على سماع الشاعر. تكامل جمالي وترى الشاعرة والباحثة فاطمة بوهراكة أن الموسيقى والشعر مكملان لبعضهما، ويساهمان بإشعار المتلقي بجمالية الكلمة ولكن بشرط أن يكون هناك تدريبات وبروفات بين الشاعر والعازف لعدم الوقوع في النشاز الذي قد يضعف من جمال القصائد أو الموسيقى، في حال تم مزجهما بطريقة غير متوافقة. ركيزة ثقافية من جانبه، قال عازف الجيتار محمد السنان: إن الموسيقى تعتبر دائما ركيزة ثقافية مهمة للعديد من الحضارات على مر الزمان واختلاف المكان لما لها من تأثير نفسي عميق جدا في نفوس المتلقين. وأضاف: الاختيار الجيد للموسيقى المناسبة للأمسية سيساهم بكل تأكيد في جعل الأجواء في قمة جماليتها، فكما للكلمة مضمون ورسالة، تحمل الموسيقى في طياتها حكايا كالبذور النقية.