الولاء للوطن هي التي يمكنها أن تحصن وتعزز حس الانجاز والفخر به، كما تفاخر العائلة بابنها البار والمجتهد، يجب على الدولة كذلك، فهذه القيمة تجعل المواطن شديد الحرص على أن يكون مفخرة للوطن، وبذلك سيمنعه الحس بالولاء أن يتجرأ على أن «يغش» بلده بشهادة ليست حقيقية، وفي المقابل فإن سجله الغني بالانجاز سيمكن الدولة من التعرف على تاريخه التعليمي بسبب اهتمام الدولة بمخرجاتها. للأسف في الآونة الأخيرة فُتح الباب على غاربه لدخول الاستثمارات الاجنبية بقصد تنويع الاقتصاد القومي، واتفاقيات التجارة الحرة، وانفتاح السوق ضر السوق كما نفعها، واكثر أضراره المتاجرة بقيم التعليم والصحة. وفقا للبنك الدولي، فإن دول الخليج تنفق 3.3% من اجمالي ناتجها المحلي وتم اعطاء القطاع الخاص الفرص رغبة في تحقيق التنمية لذا فإن التعليم بمختلف مراحله بات أحد مجالات الاستثمار، واتساع ظاهرة التعليم الخاص في الدول الخليجية يترافق مع تراجع حجم الانفاق الحكومي على التعليم العام، ويذكر البنك هذه الجملة «تختلف ظاهرة التعليم الخاص في العالم العربي عن البلاد النامية والاوروبية، ولكنها تتحد في الهدف من كونها مؤسسات ربحية استثمارية، فالتعليم الخاص مثل أي مشروع تجاري هدفه الربح المادي، وبالتالي فإن الحصول على تعليم خاص وفق معايير دولية يتطلب استثمارات كبيرة». فلا يمكن أن تضاهي جودة التعليم الخاص جودة الحكومي ومقدراته وأدواته وبالتالي مخرجاته، صار التعليم مادة تجارية، ومن مشاهداتي هناك طلبة مدارس خاصة ينظرون للشهادة وكأنها مادة قابلة للبيع والشراء، فمعدل التنافسية يخبو ويترتب عليه شراء «الأبهة» ارضاء للآباء. بالمقابل المدارس الحكومية ليست بأحسن حال عن الخاصة، في البحرين وبسبب التنافسية على الجودة، فالمدارس الحكومية هي الأخرى تتسابق على رفع درجات طلابها وأعداد الناجحين فيها من غير المستحقين للنجاح، فقط لترضي هيئة جودة التعليم، ويمكننا أن نفهم كيف أن يتساوى خريج متفوق ببعثة حكومية ولا يجد عملا وآخر خريج جامعة خاصة بنفس التخصص ويحصل على عمل. فهناك الكثير من الشركات التي تشترط أن يكون الخريج من جامعات بعينها لمعرفتها بمستوى خريجي بعض الجامعات. ان الاستثمار في التعليم اليوم لم يحقق الوطنية اللازمة بل تجارة يستثمرها الطالب من المدرسة حتى الجامعة، وعليه يمكننا أن نفهم أن حظوظ بيع الشهادات يترتب عليه مهنة ودرجة وظيفية ووجاهة ولا يمكن تعقبها بتاريخ تعليمي لضياع التسلسل التعليمي للطالب. والحل يكمن في اعادة النظر بانفتاح السوق، ورفع درجة الرقابة والاشراف ومحاربة الفساد بكل مجالاته، ليبدأ من المدرسة ولنضع أيدينا على الأجيال ولا ندعهم للايدي الاجنبية تربيهم وتعلمهم.