مع إقدام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية على واردات بلاده من الصين بقيمة 16 مليار دولار، ورد بكين بالمثل فإن احتمال اتجاه البلدين نحو حرب تجارية طويلة الأمد يصبح أمرا واردا. هذا ما رأته صحيفة «شاينا دايلي» الناطقة باسم الحزب الشيوعي، وقال كاتب الافتتاحية منتقدا السياسة الأمريكية: إن الأعمال العدائية التجارية لن تحبط ثقة الشعب الصيني في مسار التنمية الذي اختاره البلد منذ إطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح قبل 40 عاما، ليس لأن الصين طورت نموذجاً للتنمية الاقتصادية في العقود الماضية خاصا بها وإنما لقناعة الصينيين بأنهم يسعون لتحقيق الأهداف التي يتطلعون إليها، وأن البلاد عازمة على المضي قدما في دفاعها عن نظام التجارة المعولم، وهي تفعل أقصى ما يمكنها فعله لمكافحة الأحادية والحمائية التجارية. وتمضي الصحيفة الناطقة باسم أعلى سلطة في الدولة للقول: من المسلم به أن العولمة لم تكن مبرأة وهي تحمل بعض الآثار الجانبية السالبة وغير المرغوبة كالتوزيع غير العادل للثروة الاجتماعية الذي أدى لظهور الحركات الشعبوية في بعض مناطق العالم ونتج عنه ردود فعل عنيفة ضد العولمة، لافتة إلى أن الحمائية التجارية ليست العلاج المناسب لتلك الردود ولا الأحادية، فالمشاكل ينبغي معالجتها في إطار نظام التجارة العالمي الماثل اليوم. وقناعة الصين بأن المجتمع الدولي له مستقبل مشترك هو الاتجاه الصحيح للعولمة، ولهذا تسعى لتعزيز الثقة في أن الصعوبات يمكن التغلب عليها عن طريق مكافحة الحمائية التجارية والأحادية. يعتبر معرض الصين الدولي الأول للاستيراد والتصدير المزمع إقامته في «شنغهاي» نوفمبر المقبل إظهارا لإرادة البلاد القوية في الانفتاح على العالم الخارجي وإيمانها الراسخ بأن وجود اقتصاد عالمي مفتوح وشامل إلى جانب نظام تجارة حرة لا غنى عنهما لتحقيق أهداف مستدامة توفر حماية أفضل للجميع. وهذا يفسر لماذا لن تنكفئ الصين على نفسها أمام تهديدات الولاياتالمتحدة، وهذا هو السبب الذي يجعل الصينيين لا يألون جهدا في دفاعهم عن نظام التجارة الحرة والسعي لإقامة عالم أفضل بمستقبل مشترك يستوعب الجميع. والتاريخ أثبت أن مثل هذه الأساليب غالبا ما تفشل، لقد فرضت الولاياتالمتحدة حصارا اقتصاديا على جارتها الصغيرة كوبا على مدى 60 عاما لم يدمر هافانا وأدت العقوبات لإفقار الشعب الكوبي خاصة النساء والأطفال. نفس الحصار فرضته الولاياتالمتحدة على جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية ولسنين عديدة. وتقول الصحيفة: لقد فشلت العقوبات الأمريكية في تحقيق هدفها المتمثل في دفع تلك الدول للتنازل، ومن السذاجة الاعتقاد بأن الدول ستستسلم ببساطة إذا ضغطت الولاياتالمتحدة عليها، بل على العكس من ذلك غالباً ما يوحد شعبها ويجعلها أكثر قوة كما يقول المثل الصيني منذ ألفي سنة: «الإخوة الذين يقتتلون داخل بيتهم سيتحدون معا على الذي يأتي من خارجه». لقد قاتل الصينيون ضد الولاياتالمتحدة في الحرب الكورية الدامية في أوائل خمسينات القرن الماضي رغم التفوق العسكري المطلق للأمريكان في ذلك الوقت، وفي السياق تقول «شاينا دايلي»: لهذا فإن تمكن واشنطن من إجبار بكين على الانصياع لتكتيكاتها الخاصة بالتعرفة الجمركية ليس سوى أمنيات وأحلام. وشددت على ضرورة تشكيل المجتمع الدولي لجبهة موحدة ضد مثل هذه العقوبات أحادية الجانب.