ازداد الحديث في الفترة السابقة عن توجّه وزارة العمل لبعض التنظيمات الخاصة المتعلقة بتحفيز توطين الوظائف القيادية بالقطاع الخاص، وحتى الآن لا يوجد أي قرار رسمي عن تلك التنظيمات المهمة، والتي يحتاجها سوق العمل للارتقاء فيه من التوظيف الكمي حتى يصل للجانبين النوعي والكمي، وفي هذا المقال سأوضح وجهة نظري عن التنظيم الذي أتمنى أن نصل له فيما يخص تحفيز توطين الوظائف القيادية. دخول كوادر سعودية للوظائف القيادية بشكل أوسع سيكون تأثيره على الوظائف الأقل مستوى مباشرة «الصفوف الثانية» في نفس المنشأة، وسيساهم في تشجيع توظيف السعوديين بشكل أكبر، وحينما نتحدث عن توطين الوظائف القيادية فهذا يعني «التحفيز» قبل أي شيء آخر، وأنا كوجهة نظر أرى أن المعنى الأوضح لتوطين الوظائف القيادية يعني التوجه لتوظيف المناصب الإشرافية والعليا في المنشأة، فهناك اختلاف للهيكل التنظيمي من منشأة لأخرى، ويعتمد على حجمها وطبيعة نشاطها وتوسعها الجغرافي، وحتى تكون التنظيمات أكثر فاعلية، من المهم أن نعتمد على مصفوفة المهن التي أعلنت عنها وزارة العمل في الفترة السابقة، ومتوسط الأجور في سوق العمل، والذي من المهم أن يكون مرتبطًا ب«النشاط والمنطقة الجغرافية»؛ بسبب الفجوات الحالية، وبالإضافة لذلك يكون هناك ربط لمستوى الشهادات العلمية. وكتوقع شخصي ستكون التنظيمات في هذا التوجّه بالاعتماد على «معدلات بحد أدنى»، وستختلف تلك المعدلات وفقًا لأحجام المنشآت وطبيعة نشاطها، فعلى سبيل المثال ستكون معدلات الحد الأدنى لتوطين الوظائف القيادية مرتفعة في المنشآت العملاقة وتنخفض مع انخفاض حجم المنشأة، وبنفس المنطق ستكون معدلات الحد الأدنى مرتفعة في أنشطة الاتصالات وأنشطة المؤسسات المالية، وتنخفض في أنشطة المقاولات، وذلك من خلال جدول زمني محدد حتى يتم إتاحة الفرصة لعملية التطوير أو الانتقال والتمكين من مركز وظيفي لآخر أعلى. حتى تنجح الوزارة في تحفيز زيادة توظيف السعوديين في الوظائف القيادية بالقطاع الخاص، من المهم أن تكون البداية في المنشآت المتوسطة وما فوق، ومن المهم أن تكون هناك آلية لتحديد معدلات «للجنسيات» لا يتم تجاوزها، وذلك للمناصب الإشرافية والعليا في المنشأة الواحدة باستثناء السعوديين، حتى نقلل من التكتلات التي تنشأ من وجود جنسية واحدة، وتلعب دور صانع القرار في المنشأة. توجّه وزارة العمل لتوطين الوظائف القيادية يحتاج لأن يرافقه تحفيز لتغيير ثقافة تطبيق ممارسات الموارد البشرية في منشآت القطاع الخاص، وقبل ذلك من المهم أن تكون البداية بتوطين جميع المهن في أقسام الموارد البشرية؛ لأنها مركز الدعم والتطوير في القطاع الخاص، وتُعتبر مركز التواصل لنجاح العديد من مبادرات الوزارة لتحقيق مستهدفاتها، ومن خلال ذلك ستتسهل لغة التخاطب بين الطرفين «الوزارة والقطاع الخاص». برنامج نطاقات الموزون فكرته رائعة، وتحتاج فقط لبعض التعديلات قبل تطبيقه، فكما ذكرت الوزارة سابقًا أن البرنامج سيعتمد على خمسة معايير رئيسة: «نسبة السعوديين من القوى العاملة بالمنشأة، نسبة النساء السعوديات من القوى العاملة بالمنشأة، متوسط أجور السعوديين بالمنشأة، متوسط الاستدامة الوظيفية للسعوديين، ونسبة السعوديين في المناصب القيادية الأعلى أجرًا في المنشأة»، وكوجهة نظر أرى أن البرنامج يحتاج لمعايير إضافية يتم احتسابها وفقًا لحجم المنشأة وطبيعة النشاط حتى يكون هناك إنصاف ومرونة، وأهمها ربط لمستوى الشهادات العلمية، بالإضافة لتقييم ممارسات الموارد البشرية المطبقة في المنشأة. وختامًا: إداراة التفتيش في وزارة العمل حتى ولو تمّ تخصيصها فلن تتمكن من مراقبة جميع مخالفات سوق العمل مباشرة، وما أتمناه من الوزارة أن تبدأ في تصميم منصة إلكترونية لاستقبال المخالفات في القطاع الخاص بشكل عام، مع إرفاق المستندات المثبتة لذلك، فتجربة وزارة التجارة في هذا التوجه أثبتت جدواها في الكشف عن العديد من المخالفات، وذلك بالاعتماد على شكاوى المواطنين.