وضعت مقاطعة شينجيانغ التي يسكنها المسلمون الإيغور في غرب الصين، تحت نوع من أنواع المراقبة الدائمة، بطريقة لم يشهد لها العالم مثيلًا، فالحكومة الصينية تستخدم أحدث الوسائل للسيطرة على هذه الأقلية لتجفيف وجودهم عبر إدماجهم في الثقافة الصينية، أو إجبارهم على المغادرة، حيث يختفي عشرات الآلاف في ظروف غامضة، أو يتم إرسالهم إلى ما يسمى بمعسكرات إعادة التأهيل. مراسل صحيفة «ديرشبيغل» الألمانية زار الشهر الماضي مدينة كاشغر في هذه المقاطعة، ووجدها «أشبه ببغداد بعد الحرب» على حد قوله. طنين أبواق الإنذار يسيطر على أجواء المدينة. جنود مدججون بالسلاح يطوفون بعرباتهم الشوارع، بينما أزيز المقاتلات الحربية يسمع في سماء المنطقة، وتوجّه الشرطة التي ترتدي سترات واقية وخوذات، بتوجيه حركة المرور بطريقة عدائية متسلطة، ويصرخ الجنود في وجه مَن يعتقدون أنه يتأخر في تنفيذ أوامرها. لا تسمح السلطات برفع الأذان في مسجد المدينة ويمر المصلون عبر جهاز كشف المعادن عند دخولهم المسجد، أما الساحة الخارجية فتخضع للعشرات من كاميرات المراقبة. يقول مراسل الصحيفة: «لا يوجد في أي مكان في العالم حتى في كوريا الشمالية رصد ومتابعة ومراقبة بشكل صارم للسكان كما يراقب الإيغور في موطنهم شينجيانغ». مساحة شينجيانغ تعادل أربعة أضعاف مساحة ألمانيا وتشترك حدودها مع ثماني دول بينها باكستان وأفغانستان وطاجيكستان وكازاخستان، ويتعرض سكانها المسلمون للقمع بشكل مستمر يستهدف الأقلية الإيغورية التي تعتبرها الحكومة الصينية عقبة أمام إقامة «مجتمع متناغم». ويبلغ عدد المسلمين الايغور في المقاطعة الغنية بالنفط والغاز والفحم، اليوم، حوالي عشرة ملايين شخص يتعرضون للتمييز الديني والاقتصادي والثقافي، وكانوا يشكّلون ما يقرب من 80٪ من سكانها عندما ضمّتها الصين عام 1949، ثم تقلص عددهم لأقل من 45 بالمائة أمام تدفق الصينيين الهان الذين يستمتعون وحدهم بثمار الطفرة الاقتصادية. حكومة شينجيانغ جندت أكثر من 90 ألف ضابط شرطة في العامين الماضيين ضعف العدد الذي تم توظيفه في السنوات السبع السابقة، وتعمل الحكومة لاستكمال تكنولوجيا مراقبة حديثة لتزويد كل شارع في المقاطعة بكاميرات مراقبة ابتداءً من اورومتشي العاصمة وصولًا إلى كل قرية.