قيل إن التاريخ لا ينتهي وإنما يتجدد، فقبل نهاية الحرب العالمية الثانية أوقف الرئيس الأمريكي (روزفلت) البترول عن اليابان، ما دفع باليابانيين الى القيام بهجوم على ميناء (بيرل هاربر) بحوالي (350) طائرة في هجومين انتحاريين، قتل فيهما نحو (2000) عسكري من البحرية الأمريكية، وهذه الهجمات فتحت الطريق أمام الرئيس الأمريكي ترومان الذي جاء بعد روزفلت ليأمر بإلقاء القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناجازاكي. ما لم تستخلص إيران العبر من التاريخ فإنها ستجر المنطقة إلى هاوية لا قرار لها، ولن يكون تأثيرها على إيران فقط، وإنما سيكون تأثيرها على قارة آسيا برمتها، كما يقول إدوارد لورنتز صاحب نظرية (تأثير الفراشة). اليوم نحن نربط المقدمات بالنتائج، وربما يعيد التاريخ نفسه، فالصراع في المنطقة أخذ يدخل مرحلة جديدة متعددة الاحتمالات ومفتوحة النهايات، فحكومة الرئيس الأمريكي ترامب اعلنت عن استعدادها لمنع ايران من تصدير بترولها عقابا لها على سلوكها العدواني الذي يشكل خطرا استراتيجيا على المنطقة، فهل تفتح التصرفات الإيرانية الطائشة (القادمة) الباب أمام الأمريكان ليدحروا تلك التصرفات كما فعلوا في الحرب العالمية الثانية؟! ان التصريحات الأخيرة التي يتغنى بها صناع القرار في إيران، كالسيطرة على أربع عواصم عربية، وإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة، وأن لديهم ما يمكن أن يؤلم أمريكا، تشير إلى انغماسهم في بيئة مملوءة بأوهام (امتياز الذات)، وحين تسيطر هذه البيئة على اصحاب القرار تتضاءل في نفوسهم قيمة الآخرين، ويفقدون القدرة على التعامل الرشيد مع الأحداث، ومن ثم يقومون بأعمال طائشة كالاعمال التي جرت في ميناء (بيرل هاربر)!. إن اضمحلال الحضارات يعود بالأساس إلى تخليها عن الاسس الأخلاقية، وما التبجح الإيراني بادعائها السيطرة على اربع عواصم عربية إلا محاولة للاصطياد في الماء العكر، وهو في الاساس مشكلة أخلاقية، تذكرني بتصريحات (باول غوبلز)، وزير الدعاية النازي وصاحب النظرية الشهيرة (اكذب.. اكذب حتى يصدقك الناس.. ثم اكذب واكذب حتى تصدق نفسك)، وهذه المشكلة الاخلاقية يعاني منها بعض الفرس منذ اجتياح هرقل لإيران، ومنذ الفتوحات التي تمت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما أن هذا التبجح كان له انعكاسات على الوعي والوجدان العربي، فقد جرح مشاعر أكثر من 400 مليون عربي، وجعل العرب من الخليج الى المحيط يشمئزون من هذه التصريحات الهوجاء التي لا صحة لها في أرض الواقع على الإطلاق.