في عام 1921 أصيب «فرانكلين روزفلت» بالشلل لمدة 7 سنوات عاد بعدها إلى منصبه كحاكم لولاية نيويورك للمرة الثانية، ليخوض في عام 1932 انتخابات الرئاسة الأميركية للمرة الأولى فيحقق فوزاً كاسحاً على منافسه الجمهوري بواقع أكثر من 7 ملايين صوت لصالحه، وبسبب من نشاطه وإخلاصه كان أن بادله شعبه بالحب، فأعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية في عام 1936، في فترة قاسية للغاية بسبب الكساد العالمي ومسؤوليات إعادة بناء الاقتصاد الأميركي، الذي استطاع روزفلت أن ينجح في ترميمه إلى حد كبير، حتى إذا نشبت نيران الحرب العالمية الثانية بعد اجتياح قوات ألمانيا النازية بقيادة هتلر لبولندا عام 1939، وأعلنت إنكلترا وفرنسا الحرب على ألمانيا، قرر الرئيس إبقاء بلاده بمنأى عن الصراعات الدولية يساعده في ذلك موقعها الجغرافي البعيد. إنها الأجواء الملبدة ذاتها التي نجح في الفوز فيها بفترة رئاسة ثالثة، غير أن نقطة التحول كانت عندما هاجمت القوات اليابانية الأسطول الأميركي في «بيرل هاربر»، ليلحقه إعلان الولاياتالمتحدة حربها على اليابان حليفة ألمانيا، ثم الدخول بثقلها في الحرب لتكون على رأس الحلفاء، فتجري الانتخابات الأميركية عام 1944 ويرشح روزفلت نفسه بناء على إلحاح شعبه، فيفوز بفترة رئاسة رابعة على التوالي في سابقة لم ولن تحدث في تاريخ أميركا، وقبيل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها يتوفى روزفلت بعد أشهر من تنصيبه رئيساً للبلاد مقعداً بالمرض ثانية في كرسيه المتحرك، فيخلفه «هاري ترومان». كلمة أخيرة: العظمة تولد مع صاحبها، فعبثاً يحاول أن يكون عظيماً من يفتقر إلى حاسة العظمة، فهي شعور، يتبعه سلوك نحو الارتقاء وشق طريق العربة إلى أعلى، بطموح لا يموت وإنما بإنجاز يضيف عناصر إيجابية إلى الحياة، فالناس متساوون، وما يميزهم هو مدى ما استودعوا من نعمة العقل ودرجة الفضيلة ومقدار العلم، وكلما كان نصيب الفرد من العقل والفضيلة والعلم كبيراً، وكلما غلف نصيبه بعزيمة الإرادة، فحتماً سيحفر له مكاناً أياً كان موقعه! يقول نابليون بونابرت: «مثل الذي خان وطنه وباع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه»، فليس هناك من حاكم أحب شعبه ووطنه ولم يخلده الشعب والوطن، غير أن هذا الحب بالذات لا يكون بعقد الأمنيات وإنما بمدى قراءة ما سيحدث غداً والتصرف بقرارات حكيمة اليوم على أساس من نضج مبكر، كما أنه ليس هناك من امرئ حكم بلاده على حساب شعبه ولم يتذكره التاريخ بما يستحق!! فليس كل من حكم أصبح قائداً، ذلك أن مشكلة السياسة أنها لا تقضي بالتنبؤ السياسي فحسب، وإنما بالاقتصادي والاجتماعي والثقافي مجتمعين، فإن رأيت انتصاراً حققته أمة فاعلم أن وراءها رجلاً احترم شعبه فعرف متى يقول وماذا يفعل وكيف يحجم. وقالوا: «أخبرني بمن تعجب به من العظماء، أخبرك بما أنت عليه من الذوق والخلق والذكاء» سانت بوف. [email protected]