شهدت المملكة العربية السعودية والعالم أجمع مساء يوم الجمعة الماضي 27 يوليو حدوث حالة خسوف كلي، وهو يعد أطول خسوف للقمر خلال القرن 21 وعرف ب«القمر الدموي» واستمر لمدة ساعة و42 دقيقة و57 ثانية. وأطلق عليه «القمر الدموي»، لأن نور الشمس يخترق الغلاف الجوي للأرض في طريقه إلى القمر، والغلاف الجوي للأرض يحوله إلى اللون الأحمر بالشكل ذاته الذي يصطبغ فيه قرص الشمس باللون الأحمر عند الغروب، كان الخسوف هذا هو الأطول بسبب مرور القمر بمركز ظل الأرض عند النقطة الأوسع على الإطلاق من مساحة الظل، ولم يقتصر الأمر على الخسوف الكلي للقمر واقتراب المريخ من الأرض، بل حدث ما وصفه الفلكيون ب«مسيرة الكواكب» أيضا، إذ اصطفت الكواكب في المجموعة الشمسية بطريقة تسمح بالاستمتاع بمشهد رائع لكواكب الزهرة، والمشترى، وزُحَل، والمريخ. ظاهرة الخسوف والكسوف نادرة الحدوث ولكنها ليست حديثة فقد حدثت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو موسى «خسفت الشمس فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فزعاً يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال: هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره» رواه البخاري ومسلم. لقد صحَّح النبي -صلى الله عليه وسلم- المعتقدات الخاطئة التي كانت سائدة في عصره عن ظاهرة الكسوف والخسوف عندما قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته»، فالشمس والقمر يسيران وفق نظام محكم دقيق، وظاهرة الكسوف ظاهرة طبيعية بما أودع الله لها من أسباب ومسببات، على مقتضى القدرة الإلهية والإرادة الحاكمة، وليس لها أية علاقة بأيٍّ من هذه المعتقدات الفاسدة التي كان يعتقدها الناس، ولم يدرك العلماء هذه الحقائق إلا حديثًا؛ ففي أوروبا حتى عهد قريب كان الناس يعتقدون أن ظاهرة الكسوف مرتبطة بالخرافة ومن ثم؛ فإن هذا الحديث يعتبر الأساس لعلم الفلك الصحيح. كما أنه ليس لخسوف القمر تأثير واضح حتى الآن صادر من جهة موثوق فيها يؤكد ارتباط خسوف القمر بنفسية الفرد أو السلوك البشري العام، لذا لا مبادئ وأسس علمية يستند عليها، وذلك لأنّ المهتمين بعلم التنجيم مهمتهم الرئيسية التحذير والتخويف المبالغ فيه خاصةً فيما يتعلق بظواهر الخسوف والكسوف كي يؤثروا على نفسية الأشخاص بشكل مضلل. ليس من شك في أن الكسوف والخسوف أمر طبيعي لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده ومكانه، فكل ما في الكون يحدث بمشيئته تعالى وقدرته، ومثل هذا الذي يحدث لهذه الأجرام العظيمة جدير أن ينبَّه القلوب إلى عظمة سلطان الله سبحانه وتعالى وشمول قدرته وبالغ حكمته ووجوب اتجاه القلوب إليه بالتعظيم والدعاء والاستغفار.