نويت أن أتغير، أغير تفكيري، حياتي، عاداتي حتى أكون مثلما أريد، كان الأمر محيرا جدا. لم أعلم كيف ومن أين أبدأ. كان الأمر أشبه بأن ترمى في صحراء خاوية، لا تعلم أي طريق سيقودك إلى واحة النجاة. بطريقة أجهلها، وقع اختياري على القراءة. لم أعلم إلى الآن هل هي اختارتني أم أنا اخترتها؟ يبدو لي أن بداية معرفتي بها أشبه بالإلهام، لا نعلم كيف يأتي لكن ما يهمنا حقا أنه أتى. بدأت بقراءة الروايات، لكونها الأكثر شعبية، لكني سريعا ما اكتشفت أنها لم تلائم ميولي. إن هذا الخطأ -المرتكب بحسن نية- يقوم به الكثير من القراء عند بداية مسيرتهم. حين تقرأ لا تقم باتباع ذائقة الآخرين بشرائك للكتب الأكثر مبيعا، فكل شخص له ميول وشخصية تختلف عن الآخر. حين اكتشفت أن الروايات لا تلائم شخصيتي -رغم إيماني الشديد أن الرواية من أهم صور الادب التي تتطلب كتابتها عقلا إبداعيا فذا- قمت بالبحث في قسم آخر. وقعت عيناي على قسم تطوير الذات، كم عشقت هذا القسم! كان يشبهني كثيرا. شعرت حينها أنني وجدت غايتي بين تلك السطور الملهمة. لقد رأيت نفسي وأنا أتطور شيئا فشيئا ما بين الكتب الدينية، الفلسفية، تطوير الذات، وتلك الأقسام التي أحببتها وغرقت في علومها المشوقة. كنت حين بدأت رحلتي المتواضعة في بحار القراءة الغنية بالعلوم والآداب، إنسانة تائهة في هذه الحياة، لا تعلم أي وجهة تسلك. القراءة لن تطورك فحسب، بل ستعلمك أنك كنت تجهل الكثير عن نفسك قبلها. ستصقل عقلك ومهاراتك الحياتية وستعطيك فرصة واقعية للعيش في عالم آخر أجمل، ستطور من كيانك كثيرا. باختصار شديد، القراءة ستخلق نسخة أفضل منك، لكن تذكر أن تقرأ ما يلائمك، أن تبحث عنه بنفسك، فلا أحد يستطيع تحديد ما يريده إلا أنت. حين أتأمل الفوائد الجمة التي تهديها لنا القراءة، لا أتعجب أبدا بأن أول أوامر ديننا الرحيم هي (اقرأ)، نعم اقرأ كي تفتح لك أبواب الحياة المغلقة بجهلك، اقرأ كي تستظل بواحة العلم في صحراء الجهل، اقرأ فينير لك الوجود بنور علمٍ، فيبني منك فردا نورانيا بالعلم توشح. - اقرأ.. «هي الطور الإنساني الأخير الذي به يكتمل تطور الإنسان ويتميز به عن بقية المخلوقات..» د. أحمد خيري العمري.