تزخر المنطقة الشرقية بالعديد من المنتديات الثقافية الأهلية، فهل يؤشر هذا العدد الملفت من المنتديات الثقافية الى حراك وتواصل فكري وانتشار حقيقي وعريض للثقافة؟ أم أنها تعبر عن مجرد أمسيات منفصلة عن بعضها، يغلب عليها الجانب الاحتفائي؟ ما للمنتديات الثقافية الأهلية وما عليها .. شجون وشؤون هذه المنتديات يتناولها إداريون وأعضاء في بعض المنتديات، فإلى التفاصيل .. حميمية وفائدة الدكتور نبيل المحيش راعي منتدى المحيش الثقافي بالأحساء رأى أن المنتديات أثبتت حضورها في السنوات الأخيرة ونافست الأنشطة المنبرية للأندية وحققت نجاحاً مميزاً. وأكد المحيش أن المنتديات الأهلية ليست منافساً للأنشطة الرسمية بل داعم ومكمل لها وجزء من نشاط المجتمع المدني الذي لا ينبغي أن يقتصر على الأنشطة الرسمية، فهو متنوع ويشمل أيضاً المكتبات الخاصة الموجودة لدى المثقفين والأدباء حيث تعدّ ثراء للمشهد. المجالس الأدبية قد تكون أماكن صالحة لإقامة ما لا تستطيعه المؤسسات الثقافية، أو ما تقف البيروقراطية عقبة في تحقيقه، وأجمل المخارج التي تجمع تلك المقاهي التي تجمع المثقفين دون تبعية أحدهم ودون بعض قيود المؤسسات الثقافية ولفت المحيش إلى وجود العديد من الجوائز الأدبية الخاصة خارج المملكة كجزء من نشاط المجتمع المدني داعياً الى وجودها داخل المملكة من خلال وضع التنظيمات التي تسهل وجودها ولا تشكل عائقاً ومعيقاً لها . وعن وجود منتديات همها الأول هو الوجاهة قال المحيش: قد توجد ولكن بعدد قليل غير مهم أما الغالب فهو أن القائمين على الصالونات يستثمرون ما لديهم من خبرة في الأندية وأنشطة أكاديمية وعلاقات في استقطاب رموز الثقافة والأدب في المملكة « ملك خاص يرى الأديب محمد البشير أنّ المجالس الأدبية هي « رافد من الروافد الثقافية في وطننا، ولا شك أن الأحساء زخرت بهذه المجالس الأدبية ، وخاصة قبل قيام النادي الأدبي، وانمحت العديد من هذه المجالس بعد ظهور النادي الأدبي، فلم يبق منها سوى مجلس أومجلسين لم يعودا كسالف عهدهما من نشاط وحيوية». ويضيف : شخصياً أميل إلى المؤسسات الثقافية العامة لما يُفترض فيها من ملكية عامة لا تنتمي ولا تتبع فكراً أحادياً يتمثل في صاحبها، وهذا ما أعيبه على المجالس الأدبية العائلية أو الخاصة إذ تقتصر أنشطتها غالباً بما يتواءم مع فكر صاحب الصالون، أضف إلى ذلك أن ارتيادها يكون عبر دخول منزل تعود ملكيته لشخص أو أسرة بخلاف دخول المثقف الى مؤسسة ثقافية عامة . وأحبذ المجالس الأدبية ما دامت تمارس فعلاً ثقافياً مؤازراً للمؤسسات الثقافية ، وما أجملها حين يكون هذا هدفها لا التباهي والتفاخر وتسجيل وجاهة على حساب الثقافة والأدب. ويختم البشير قائلا: أجد أن المجالس الأدبية أماكن صالحة لإقامة ما لا تستطيعه المؤسسات الثقافية، أو ما تقف البيروقراطية عقبة في تحقيقه، وأجمل المخارج التي تجمع ما بين الحسنيين تلك المقاهي التي تجمع المثقفين دون تبعية أحدهم ودون بعض قيود المؤسسات الثقافية. منافس استراتيجي ويرى الإعلامي فؤاد نصر الله راعي منتدى «حوار الحضارات» أنّ المنتديات الثقافية خلقت بيئة جديدة وحققت أدوارا مهمة في الجانب الثقافي. ويتجلى ذلك في زيادة حضور وبروز الكثير من الأدباء الذي لم تتسع لهم المؤسسات الرسمية، فيما تمكنوا من خلال المنتديات الأهلية من إيصال رسالتهم في أسرع وقت وأقرب مكان . وأضاف نصر الله: أعتقد أنّ المنتديات الأهلية تحقق بعداً استراتيجياً مهماً في الثقافة الوطنية وتؤثر في المؤسسات الرسمية وتعيد صياغتها من خلال منافستها القوية لها. ولا ينفي نصر الله ما في المؤسسات الأهلية من سلبيات كالشللية وغيرها قائلا: لا يمكن لأي مؤسسة ثقافية أن تحقق الكمال والصورة متفاوتة من منتدى لآخر ولكن لا ننسى أن هذه المنتديات لا تتلقى دعماً مالياً بل تقوم على جهود ذاتية لأفراد، وبالرغم من هذا تستطيع بعض هذه المنتديات أن تصدر مجلدات مليئة مما تقيمه من ندوات ومحاضرات في مجالات شتى. تجاهل الشباب ويرى الشاعر محمد الفوز عضو إدارة ملتقى الوعد الثقافي أنّ « الخروج بالثقافة إلى الشارع من أهم الأحداث التي تشهدها المملكه فما بالك باستقلالية المبدع وانعتاقه من الرسمية إلى أن تتبلور آفاق جديدة للوعي وللكتابة ، ثمة انعطافة خطيرة في النص السعودي أوجدتها المنتديات الخاصة وهي بالمجمل ذات مسارين تتأرجح بين الحداثة والكلاسيكية وإن كانت المنتديات الأهلية يغلب عليها طابع الريب والعزلة أكثر من الانفتاح إلا أنها مستفزة «. ويضيف « لقد باتَ من الواجب على وزارة الثقافة أن تتيح لهذه المنتديات الخاصة فضاءات أكثر اتساعاً بلا قيود، و أن توفر لها على أقلّ تقدير قاعات مجهزة لإقامة فعالياتها المنبرية على نطاق واسع من غير شروط مسبقة وإلا فقدتْ هذه المنتديات أهمية المغامرة واستكناه الغد .» ويؤكد الفوز أنّ « الأهم من عقد الشراكة هو الدعم متى طلبَ القائمون على تلك التجمعات، فيما عدا ذلك تظل الجهود الفردية أكثر شفافية لأنها تتجاوز الصمت إلى مابعد الكلام» ويختم الفوز مذكراً ببعض سلبيات المنتديات الأهلية قائلاً: لقد استفاد مثقفو الشرقية من المنتديات الخاصة كما أفرزت شلليات لا يمكن السكوت عنها، حيثُ احتكر أصحابها الدعوات والمشاركات والتزكيات في أماسي محلية وعربية ودولية، وهذه الأسماء أربكتنا ليس لسوئها بل لتكريسها ونحنُ ضدّ البقاء على شخصياتٍ معينة في حين يتم تجاهل التجارب الشابة التي أعتبرها أهم من جيل الثمانينات وهو مايزال حاضراً في كل الملتقيات . منتديات الأثرياء ويرى عضو منتدى الينابيع الهجرية الشاعر جاسم محمد عساكر أنّ المنتديات الأهلية «اقتصرت على فئة معينة من الناس برزت عليها سمة الثراء المادي كأهم عنصر في دعم مثل هذه المشاريع، لما يلعبه المال من دور هام في تغطية تكاليف الدعوات والاستضافات وما إلى هنالك من متطلبات الاستمرارية، ولكي يعطي المجلس ثماره التي أنشئ من أجلها لابد أيضاً أن يكون صاحبه أو المشرف عليه متميزا بوفرة في الوعي كي تكتمل المعادلة ويصبح المنتدى ذا طابع ثقافي جاد يستطيع أن يبلور رؤية ذات سمة إبداعية». ويضيف عساكر» ما من شك أن انتشار المنتديات الثقافية بهذا الشكل الوافر إنما يدل على إتيانها الثمرة المرجوة وقدرتها على تنمية الثقافة لدى الشباب، الذي أصبح يتدفق ناحيتها بتلقائية منسابة لشعوره بأهليتها وبُعدها عن التكلّف والرسمية والقيود، فهي تخضع لعين رقابية أقلّ، صنعت ما بينها سباقاً جميلاً ينم عن وعي بالمرحلة».