وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت في سن الحادية والثمانين تقول: إيران تغرز مخالبها في الكثير من الاتجاهات، مع حماس في فلسطين، ومع «حزب الله» في لبنان، وفي اليمن أيضا. أولبرايت لديها شركة استشارات، وأنجزت العديد من الكتب من أشهرها «The Mighty& The Almighty» الذي صدر في 2007، وفي هذا الأسبوع سينشر آخر كتبها باللغة الألمانية بعنوان «الفاشية: تحذير Fascism: A Warning». وعلى جدار مكتبها، صورة للسفينة التي هربت على متنها من موطنها في تشيكوسلوفاكيا مع والدها وأشقائها الثلاثة في نوفمبر 1948م إلى أمريكا كغيرها من مواطنيها بعد الحرب العالمية الثانية. وفيما يلي مقتطفات من المقابلة التي أجرتها معها «دير شبيغل» الألمانية.. دير شبيغل: ولدت في براغ وهربت من النازيين إلى لندن ثم من الشيوعية إلى الولاياتالمتحدة، ما تأثير تلك التجربة في حياتك؟ أولبرايت: كان مؤتمر ميونيخ في 1938م، بعد الحرب العالمية الثانية، نقطة فاصلة.. اتفق فيه الفرنسيون والبريطانيون مع الألمان والإيطاليين دون إشراك تشيكوسلوفاكيا -التي نشبت الحرب بسببها- والولاياتالمتحدة. وأُعطي هتلر جزءا من بلادنا ثم تغير كل شيء بعد دخول أمريكا. فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945م، وبناء على الترتيبات التي اتفق عليها أثناء الحرب قسمت أوروبا إلى نصفين، وأصبح البلد الذي ولدت فيه خلف الستار الحديدي لمدة 40 عامًا، وأستطيع القول بناء على حالتي الخاصة إن الأمور السيئة تحدث عندما لا تكون الولاياتالمتحدة على الطاولة. شبيغل: لم تستطع إدارة الرئيس كلينتون التي عملت فيها وزيرة للخارجية، منع إيران من توسيع نطاق نفوذها في الشرق الأوسط، هل كان ترامب محقا بقوله عننا: كم نبدو نحن كأوروبيين سذجا عندما يتعلق الأمر بنوايا طهران؟ أولبرايت: لن أقول سذجا.. إيران تغرز مخالبها في الكثير من الاتجاهات، مع حماس في فلسطين، ومع «حزب الله» في لبنان، وفي اليمن أيضا، وتوجد بعض المخاوف المبررة في ذلك، وربما انسحابنا من الاتفاقية يجعل التعامل مع ذلك أكثر صعوبة وأشد تعقيدًا. شبيغل: في كتابك عبرت عن تخوفك من العودة للمناخ الدولي الذي كان سائدا في عشرينات وثلاثينيات القرن الماضي، ما الذي تخشينه؟ أولبرايت: وأنا أكتب هذا الكتاب قررت أن أقوم بعمل تاريخي لا يكون فيه مكان للعاطفة، توجد أوجه شبه صارخة بين تلك الفترة وما يحدث اليوم في انقسامات المجتمع، يوجد سياسيون يستغلون تلك الانقسامات، يبذلون ما في وسعهم لمفاقمتها بدل البحث عن أرضية مشتركة.. أنا أؤمن بالوطنية لكنني قلقة من سيطرة القومية.. استفدنا جميعا من العولمة ولكنها سيف ذو حدين يفقد فيها الناس هوياتهم وشعورهم بالانتماء. شبيغل: عنوان كتابك «الفاشية: تحذير» ألا تحسين أنه مثير للقلق؟ هل خطورة العودة إلى الفاشية حقيقة ماثلة؟ أولبرايت: لا، وإذا كنت ألحظ وجود علامات الفاشية فليس بالضرورة أن تكون هي نفس التي عرفناها في القرن العشرين، لن يعود الرايخ الثالث، الديمقراطية جذورها ضاربة إلى عهد قدماء الإغريق.. وهي تمارس عبر التاريخ بطرق متنوعة، لكن هناك قادة يعملون انطلاقا من قاعدة مفاقمة الانقسامات في المجتمع بما يخدم مصلحتهم الخاصة، وفيما يفعلون ذلك يدمرون فرص بناء أرضية مشتركة. شبيغل: حزبكم الديمقراطي يبذل حاليا كل ما بوسعة ليتعامل مع السياسيين من أمثال دونالد ترامب، لماذا يحدث ذلك؟ أولبرايت: أعتقد أن العقد الاجتماعي الذي كان يحافظ على تماسك مجتمعنا الأمريكي قد انهار.. أعتقد أنه حان لنا أن نحدد كيفية استعادته في شكل عقد اجتماعي حقيقي جديد يعرف فيه كل الأطراف ما يتوجب عليهم فعله، حاليا نحن في وضع يستغل فيه من هم في أقصى اليسار ومن هم في أقصى اليمين الانقسامات والشكوك ليفاقموها ويوظفونها لصالحهم. تقول أولبرايت: الديمقراطية جذورها ضاربة إلى عهد قدماء الإغريق.. وهي تمارس عبر التاريخ بطرق متنوعة، لكن هناك قادة يعملون انطلاقا من قاعدة مفاقمة الانقسامات في المجتمع بما يخدم مصلحتهم الخاصة، وفيما يفعلون ذلك يدمرون فرص بناء أرضية مشتركة