من البديهي القول إن توفير الطاقة الكهربائية يساعد على النمو الاقتصادي وتعزيز التعليم وتحسين مستوى المعيشة. غير أن حوالي 1.1 مليار شخص معظمهم من سكان الريف في آسيا وأفريقيا ما زالوا عالقين في الظلام بدون ضوء كهربائي ويعتمدون على الكيروسين والديزل ويتكبدون العناء لري محاصيلهم الزراعية. ولكن الخبر السار بحسب تقرير لمجلة «الإيكونوميست» البريطانية، هو أنه يمكن توصيل طاقة نظيفة وموثوقة إلى الناس بشكل أسرع من أي وقت مضى. ولكي يتحقق ذلك تحتاج الحكومات إلى إعادة النظر في دور مرافقها الكهربائية. ويقول التقرير إنه عادة ما تربط البلدان مواطنيها بشبكة كهرباء واسعة النطاق، ولكن الشبكات الكبيرة تكون أكثر واقعية في الأماكن المكتظة بالسكان، حيث تستطيع الحكومات دفع تكلفة رخيصة لتوريد الطاقة لملايين الناس ولا سيما بعد دمج المزيد من شبكات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، للحصول على طاقة أكثر نظافة. ولكن من الصعب توفير شبكات ذات كفاءة اقتصادية في الأماكن النائية في ظل الكثافة السكانية الضعيفة. وينوه التقرير إلى أن العديد من مرافق الكهرباء تعاني بالأساس من نقص في السيولة إن لم تكن مفلسة بالفعل. وتسهم تكاليف توفير الكهرباء بأسعار معقولة، في أعباء إضافية تفاقم من ديونها. فعلى سبيل المثال استغرقت الصين وتايلاند 20 سنة لتحسين معدلات توفير الكهرباء من حوالي 30- 40٪ إلى 85-90٪. واستغرق الوصول إلى الشريحة المتبقية 20 سنة أخرى، ولم تصل إليها حكومة بكين إلا في عام 2015. ويقر التقرير بأنه كثيراً ما يكون توصيل الكهرباء للجميع شعارا محبوباً من جانب السياسيين ولكن تحقيقه ليس كذلك. ففي أبريل الماضي احتفلت الهند بتوصيل الكهرباء إلى القرية الأخيرة بها، ومع ذلك لا يزال هناك حوالي 240 مليون شخص بدون كهرباء، وكثيراً ما تكون معدلات تشغيل الشبكات غير موثوقة. ويشير التقرير إلى أن الشبكات الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص يمكن أن تسهم في سد هذه الثغرة. ويقول التقرير، إن الشبكات الصغيرة تتألف من بنوك البطاريات التي غالباً ما تكون مشحونة بواسطة مصفوفات شمسية. وعلى عكس الأنظمة الشمسية الموجودة على أسطح المنازل - أصبحت شائعة بشكل متزايد في أجزاء من أفريقيا- والتي توفر القليل من الطاقة، توفر الشبكات الصغيرة الكهرباء على مدار الساعة. وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الشبكات الصغيرة يمكن أن تستحوذ على استثمارات بقيمة 300 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها الوسيلة الأكثر أهمية لتحقيق الانتشار الشامل للطاقة. ولكي يحدث ذلك يجب على الحكومات احتضان هذه المشروعات والتخلي عن تمسكهم الشديد بمركزية إمدادات الطاقة. وفي المقابل يخشى القائمون على خدمات شبكات الكهرباء الصغيرة من أن تدفن معداتهم في التراب إذا ما وصلت الشبكة الرئيسية المملوكة للحكومة فجأة إلى أحد أسواقهم.