ارتفعت معدلات الوصول إلى الطاقة في دول جنوب الصحراء الكبرى الافريقية مع تنامي إمدادات الكهرباء خلال السنوات العشر الماضية، لكن هذا الارتفاع لا يواكب الزيادة السكانية والتغيرات الأخرى في هذا القطاع الحيوي. وتظهر الأبحاث أن هناك ما لا يقل عن 600 مليون شخص في إفريقيا لا يزالون غير قادرين على الحصول على الكهرباء، بالرغم من الطفرات المتحققة بكافة أشكال الوقود الاحفوري وموارد الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية. وتملك افريقيا أدنى معدل استهلاك للكهرباء في العالم، حيث يقدر استهلاك الفرد بنحو 613 كيلووات للساعة في السنة، وهو بالكاد يكفي لتشغيل ثلاجة. وفي المقابل تستهلك أوروبا 6500 كيلووات في الساعة للشخص الواحد سنويًا ويرتفع هذا الرقم في الولاياتالمتحدة إلى 13 ألف كيلووات في الساعة. ويرى تقرير لموقع (لاينزس أوف أفريقيا) المتخصص في تغطية أخبار سيدات الأعمال الأفارقة، أنه وبشكل جوهري تؤدي أزمة الطاقة إلى تعطيل النهضة والنمو الاقتصادي في أفريقيا، وهو ما يهدد بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي بفقدان الثورة الصناعية الرابعة وفوائدها الاقتصادية بالقارة السمراء. وأضاف التقرير ان هناك حاجة ملحة لدعم البلدان الأفريقية لتعزيز قدراتها ليس فقط في إنتاج الطاقة، ولكن أيضا في وضع مخططات التوصيل والتوزيع لتكون قادرة على تحسين الاستثمارات في هذا القطاع. وتمثل السياسات واللوائح وأسواق رأس المال وأسعار الفائدة المرتفعة نسبيًا جزءًا من التحديات التي تؤثر سلبًا على الاستثمارات داخل قطاع الطاقة. ولكن يمكن التفكير في اساليب جديدة لدعم الطاقة مثلما فعلت شركة صن تشينج حيث توصلت أخيرا إلى نموذج ملهم للتمويل الجماعي لمشروعات الطاقة الشمسية تقوم فكرته على السماح للأفراد بشراء واستئجار الخلايا الشمسية للمدارس والشركات في المناطق المشمسة في أفريقيا. ويقول التقرير إن نيجيريا وهي البلد الأكثر كثافة سكانية في القارة التي يبلغ عدد سكانها 150 مليون نسمة تسعى جاهدة لتوزيع خمسة آلاف ميجاوات في اليوم، وهو أقل من نصف ما يمكن لأبوظبي أن تنتجه لسكانها البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة. ورغم أن نيجيريا تستطيع في الواقع إنتاج 2000 ميجاوات إضافية في اليوم، لكنها لا تستطيع توزيعها لافتقارها إلى البنية التحتية اللازمة لتوصيل ونقل الكهرباء. وينوه التقرير إلى أن تركيب الخلايا الشمسية على أسطح المدارس بطاقة 15 كيلووات هو أحد المشروعات التي تم تفعيلها، والتي أتاحت الفرصة لأي شخص الوصول إلى الطاقة الشمسية، مثلما وفرت لهم الفرصة لكسب المال من خلال شراء الخلايا الشمسية وتأجيرها للآخرين من أجل توفير الطاقة في تلك المناطق. ويشير التقرير إلى أن جنوب أفريقيا كانت رائدة في تجربة هذه المشروعات، حيث يوجد بها أكبر عدد من الناس الذين يملكون معظم هذه الخلايا مقارنة بالبلدان الأخرى، وعلاوة على ذلك احتلت المرتبة السابعة من بين 40 دولة من حيث جاذبية الاستثمار في مجال تكنولوجيا الطاقة الشمسية الضوئية، وهو النوع المستخدم في الألواح الشمسية لتحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربائية. ويؤكد التقرير أن قضية زيادة إمكانية الحصول على الطاقة من خلال حلول الطاقة المتجددة في القارة السمراء يتطلب استكشاف طرق مختلفة ومبتكرة للتمويل أو الاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية. ويحذر التقرير في الوقت نفسه من خطورة استمرار توفير التمويل لمشروعات الفحم في القارة، مما يضعف التوجه نحو مصادر الطاقة النظيفة. ويخلص التقرير إلى أن القارة السمراء في حاجة ماسة إلى إنشاء شبكات ضخمة لتوصيل التيار الكهربائي إلى مختلف بقاعها الشاسعة، لكن مستويات الاستثمار الحالية منخفضة للغاية. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن هناك حاجة إلى استثمار أكثر من 1.5 تريليون دولار من الآن وحتى عام 2050 في قطاع الطاقة وحده، وتتراوح المشروعات المطلوبة بين محطات الطاقة وشبكات الكهرباء وحتى وحدات إنتاج الكهرباء الصغيرة بالمواقع النائية الأكثر عزلة. فالوصول إلى الطاقة يعتبر الخطوة الأولى في سلم التنمية وبدونه ستكون الفرصة ضئيلة للتخلص من الفقر.