أعلم ويعلم الكثيرون ان ظاهرة «هدر الطعام» أخذت حيزا كبيرا من الاهتمام والمتابعة في أوساط المجتمع السعودي، طيلة الفترة الماضية، وبلغ هذا الاهتمام ذروته مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، التي تناولت الظاهرة من جميع الجوانب والاتجاهات، وشارك أغلبية النشطاء بآرائهم واقتراحاتهم في الحد من هذه الظاهرة، التي أقلقت البعض، وحذروا من تجاهلها بدون حل سريع وجذري. الاهتمام المبالغ فيه بالظاهرة من جميع الجهات المعنية في المملكة، أسفر عن ظهور بوادر إيجابية للمشكلة، التي بدأت في التلاشي، خاصة مع زيادة الوعي لدى افراد المجتمع، هذا الوعي رسخته وسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن الأعمال الفنية والبرامج التوعوية، الكل اتحد على مواجهة الظاهرة، من صحيين واعلاميين ودعاة ومشاهير ووو.. الخ، وقد لمست ذلك خلال شهر رمضان الحالي على سبيل المثال والذي كان يزداد فيه هدر النعمة، مقارنة ببقية شهور العام، رأيت موائد إفطار تخلو من الأصناف غير الضرورية، ناهيكم عن الكثير من الأسر استبدلت الأطعمة غير الصحية كالمقليات والمشروبات المصنعة، بأطعمة صحية، وهذا بالتأكيد لم يأت من فراغ، بل نتيجة جهود عملت عليها الدولة بجميع مؤسساتها، وبتحفيز مباشر من المؤسسات المدنية والافراد. ظاهرة «هدر الطعام» قد يرى البعض أنها تختص فقط بالطبقة الغنية، وهذا بالفعل فهم خاطئ، فهذه الظاهرة يشارك فيها الفقير قبل الغني، فعلى سبيل المثال، عندما يهدر ميسور الحال العشرات من رؤوس الأغنام بعد انتهاء الوليمة، فإن هدر الفقير لربع دجاجة من أصل نصف يتساوى فيه في الهدر مع ما أهدره الغني، من هنا يجب ان نتفق على أن المحافظة على الطعام، هي لغة يجب أن يتحدثها الجميع، وثقافة لا تفرق بين الغني والفقير. وأخيرا أقترح على من ينظمون مسابقات «الموائد الرمضانية» ان يتم التركيز على الكيف وليس الكم، فبدلا من ان يتم تقييم الجائزة لأجمل مائدة من حيث كثرة الأصناف، فلتكن الجائزة لأفضل مائدة صحية، بدون بذخ أو هدر أو إسراف لا فائدة منه.