شهر رمضان شهر الخير والبركة والإحسان، شهر تتصافى فيه القلوب وتتآلف فيه النفوس، وتزداد فيه المحبة والتقارب بين الناس، ولذلك نجد أن هناك من يعفو ويصفح في هذا الشهر عمن ظلمه أو أساء إليه، ابتغاء ما عند الله من الأجر والثواب، لأنه يعلم أن التسامح من الصفات التي يحبها الله عز وجل ويأمرنا بها نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن السمات والقيم الإنسانية النبيلة التي تعمق العلاقات وتقلل الخلافات، فضلا عن كونه حاجة مجتمعية ملحة وأساسا تقوم عليه كافة المجتمعات البشرية، ولقد امتدح الله تعالى ذلك في كتابه العزيز في قوله (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فشهر رمضان فرصة عظيمة للتسامح ونبذ الخلاف، والابتعاد عن المشاحنة والفرقة، وكل ما يكدر صفو هذا الشهر العظيم وأجوائه الإيمانية المباركة، التي هي أيام معدودات وقلائل تذهب سريعا ولا يبقى إلا ما أودع فيها من أعمال خير وبر وإحسان. فما أجمل أن نعيش بقلوب صافية متوادة ومتسامحة، سواء في هذا الشهر الفضيل أو غيره من شهور السنة الأخرى، ونعود أنفسنا على هذا الخلق الكريم حتى نعيشه في كافة شئون حياتنا ويكون باقيا في نفوسنا، ونعبر به إلى صفاء الروح وإطلاق المحبة ومشاركتها مع الآخرين، فالحياة لا تستحق منا ما يكدر صفاءها ويزيل سعادتها ويجلب الهم والكدر، فما طاب عيش السعداء وازدانت حياتهم إلا بهذا الخلق الرفيع الذي يعد واحدا من أهم مكارم الأخلاق وأنبلها، فهي دعوة للتسامح والتحلي بالأخلاق الكريمة، لنعيش هذا الشهر بقلوب متصافية نقية من شوائب البغض والكراهية، حتى ننال رضاء الله عز وجل ومغفرته وعفوه، فالمتسامحون في راحة بال وانشراح صدر وصحة بدن وذهن.