«لست حزيناً لأنك كذبت علي، بل أنا حزين لأني لن أستطيع تصديقك بعد الآن». المنطق يقول لا يمكننا بناء اي علاقة ثنائية مهما كانت المشاعر سواء «عمل، صداقة، حب..» في ظل غياب عامل مهم اسمه (الثقة). قد نجد صعوبه بالغة في البحث عن الاشخاص الذين هم اهل لثقتنا، لكن كما يقال «لو خليت خربت»، من الطبيعي ان نجد في حياتنا من يستحقها لان الشيء غير المقبول ان نعمم «لا احد يستحق ثقتنا»، ونتعامل على هذا الأساس، سواء في حياتنا الشخصية أم العملية. قد ينتابنا الخوف احياناً في منحها للآخرين ربما لاننا اخذنا درسا طويل المدى جعلنا نشكك دوما في نياتهم ودوافعهم حتى أصبحت النظرة سائدة ومعممة على الجميع وان اختلفت اتجاهاتنا ونفسياتنا بهم ليتكون مزيج من الشخصيات الكامنة داخلنا. فمثلا: الذين يثقون بالناس يميلون للهدوء. ويتوقعون معاملة عادلة. ونوايا طيبة من الناس. يسامحون، ويتوقعون المعاملة بالمثل. لذلك نجد صحبتهم مريحة والتعامل معهم سهلا. أما الاشخاص الذين ثقتهم مفرطة بالآخرين فهم سريعو الثقة بشكل خارج عن الطبيعة فعندما يقابلون الغرباء من اول لحظة نجدهم يحكون لهم أسرارهم ومشاكلهم بل ويأمنونهم على كل شيء بدلاً من التريث قليلاً، وهذا النوع معرض لصدمات كثيرة من اقرب الناس لانهم سيستغلون تلك الثقة ضدهم، وغالباً ما يتحول مفرطو الثقة بالاخرين إلى عديمي الثقة لقاء ما يتلقونه من صدمات. على النقيض منعدم الثقة يبقى يعيش داخل دوامة الظن بأن يستغله الآخرون، ليبقى جافاً مع من حوله ولا يحدثهم الا اذا كان مضطرا إلى ذلك، لا يريدون ان يحتك بهم احد ولا يستطيعون ان يبيحوا بأسرارهم لأحد، حساسون ويخشون أن يُساء فهمهم، كتومون جدا وهذا ما يجعلهم عادة حزينين في أغلب الاوقات. اما الحذرون: فهم ماهرون في تفسير رغبات ومخاوف ودوافع الآخرين، حتى عندما لا تكون ظاهرة بشكل واضح. بل ويلاحظون لغة الجسد ونبرة الصوت، وتعبيرات الوجه. اذا كنت احد هذه الأنواع السابقة فليس عليك سوى ان «تمسك العصا من النصف» لان الوسطية وهي الاتزان، تجعلك في داخل إطار ذهني مناسب لكل موقف يبعدك عن الحذر المستمر المرهق للنفس. فقط استرخ وادخل في وضع الثقة كلما أمكن، واجعل لنفسك دائرة ثقة لكن ابقها صغيرة ومقسمة لمستويات، فانعدامها سيجعلك تعيش في فقاعة زجاجية تبعدك عن الناس، والافراط بها سيغرقك في شر أعمالك!