الدعاء بالنصر لجنودنا البواسل على الحد الجنوبي وفي كل ثغر من ثغور الوطن، هو واجب إنساني وديني ووطني، وفي هذا الشهر الكريم علينا أن نكثف الدعاء بأن ينصرهم الله على أعداء الوطن الذين باعوا أنفسهم لأعداء الأمة، واختاروا التبعية المذلة لملالي إيران وزبانيتها من المليشيات الإرهابية التي عاثت في الأرض فسادا، وأمعنت في مواطنيها إذلالا، وتعاملت مع معارضيها بالحديد والنار، ومدت أذرعتها المفتونة بالعنف إلى دول الجوار، فوفرت كل أسباب الحرب في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبقاع أخرى من العالم، لكن الأوطان الأبيّة ظلت عصيّة المنال، فلم تجد غير أذنابها من الحوثيين لفرض الدخول في حرب مع هذا الوطن الغالي الذي لم ولن يتوانى أبناؤه يوما في الدفاع عن مقدساته، فهذه الحرب التي فرضت علينا في اليمن للدفاع عن الوطن، ومواجهة التمدد الإيراني البائس، كان لها شهداؤها الذين سقوا أرض الوطن بدماء العزة والكرامة المكللة بتاج الشهادة، قال تعالى: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ». وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أحد يدخل الجنة، يحب أن يرجع إلى الدنيا، وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة). وإذا كان من الواجبات الدعاء لجنودنا البواسل بالنصر، فإن من أوجب الواجبات تكريم الشهداء منهم، والدولة - رعاها الله - لم تقصر في هذا الشأن، لكن من حقهم علينا وقد بذلوا أرواحهم لنعيش في أمن وسلام، أن نسهم في هذا التكريم، فلا أقل من إنشاء مؤسسة أو جمعية يشارك في تمويلها رجال الأعمال وأهل الخير، وتدعمها الدولة، لرعاية أسر شهداء الواجب، ووفاء ما قد يكون عليهم من ديون فالله يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين، وكذلك الإشراف على تربية وتعليم أبنائهم، وتوفير الظروف المعيشية اللائقة بهم، حتى يشقوا طريقهم في الحياة بقلوب مطمئنة، ومؤمنة بأن رحيل معيلهم لم يؤثر على مسار حياتهم، ومثل هذه المؤسسة أو الجمعية سوف تسهم - دون شك - في تأصيل قيم التآزر والتكاتف بين مواطني هذا البلد الأمين، وهي قيم نراها واضحة في جهود الجمعيات الخيرية المنتشرة في ربوع بلادنا، وما إنشاء «جمعية رعاية أسر شهداء الواجب» سوى اعتراف بفضلهم، وتقدير لتضحيتهم، وحفظ لكرامة أسرهم. إن مسؤولية رعاية أسر شهداء الواجب ليست مسؤولية الدولة فقط، بل هي مسؤولية المواطن أيضا، فقد قدموا أرواحهم فداء للوطن ومواطنيه، ولولا مشيئة الله ثم إقدامهم وشجاعتهم وصمودهم، لتمكن العدو من تحقيق أهدافه العدوانية، لكن أصبح دون ذلك خرط القتاد، وارتدت سهام العدو إلى نحره وتكسرت نصاله على صخرة الإقدام والشجاعة والصمود ولله الحمد والمنّة. و«مؤسسة رعاية شهداء الواجب» لا يقتصر نشاطها على شهداء حرب ستزول - بإذن الله - مهما طالت، بل يمتد نشاط هذه المؤسسة إلى أسر شهداء الواجب في كل مجال من مجالات الدفاع عن الوطن، ليس على الحدود فقط، ولكن حتى في داخل المدن والمحافظات والمناطق، حيث يواجه رجال الأمن بحزم ويقظة.. المحاولات اليائسة، من كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن، حفظ الله بلادنا من كل سوء. إذا كان من الواجبات الدعاء لجنودنا البواسل بالنصر، فإن من أوجب الواجبات تكريم الشهداء منهم، والدولة - رعاها الله - لم تقصر في هذا الشأن [email protected]