جميلة.. إلى درجة انني في كل مرة أنظر فيها الى وجهها أتساءل هل هي حقاً بشرية مثلنا أم أنها قادمة مِن كوكب آخر وسقطت من السماء! أحببتها لأنها امرأة تقرأ وتبحث عن حريتها المعقولة ومستقلة، امرأة تدرك الحياة بعقل واع وموزون،، شريرة في تلاعب الأفكار، حتى انني أغرمت بقلمها وتوصلت معها إلى اتفاق في كل مرة نقيم فيها حرباً كتبت لها: ماذا لو عدنا غرباء؟! انت تكتبين لي وأنا أقرأ لك لا انت تعرفين انني اقرأ لك ولا تعرفين من هذا الرجل الذي تورط بغرام قلمك، دعينا نفتعل شيئا جديدا هذه المرة فاُسلوب الحب الطبيعي هذا ما عدت أطيقه، بات يصيبني بالملل، لأنه روتيني، قاتل، ليس به لذة. اكتبي لي وأنا أعدك انني لن اطلب منكِ المزيد.. سأقرأ فقط ربما نتعرف على بعضنا مجدداً. انا حزين منها.. هذا الحزن الدفين يجعلني اشعر بالأرق، يأتي الصباح احتسي كوب القهوة بمرارة أمرر أصابعي على شعري المهمل وأحاول ان أتوسد السرير كي أنتقم منها بأحلامي. بادرت في سؤاله بكل ثقة: هل ما زالت زوجتك بجانبك الى الان؟ نظر اليها بتساؤل وبرود: عن أي زوجة تتكلمين؟! تقوست شفتاها حتى بانت تجاعيد مبسمها وأشفقت على حالها وكم تمنت لو تعود الى أيّام الحنين للماضي كانت تعلم انه ليس باليد حيلة. همست له: حان وقت الدواء يا عزيزي. ما يثير الدهشة في داخلي كيف لهذا المرض أن يفتك بالمخيخ ويجعله ورقة بيضاء خالية من كل التفاصيل الصغيرة لربما دائما نردد أن (النسيان نعمة) لكن الذكريات هي السيف الوحيد التي تجعلنا نقاتل كي لا نتوسط العيش بين الوحوش المتنكرة بأقنعة البشر، أي قانون هذا الذي سيحمي مريض الزهايمر من عدم التحكم به؟ حتى ان ماركيز الذي عاش عقودا في كتابة رواياته المثيرة التي لطالما أدهشتنا قضى عليه الزهايمر ولربما كان محقاً حينما قال يوما ما (لا يهم في الحياة ما حدث لك، لكن ما تتذكره، وكيف تفعل) كتب ماركيز روايته الاخيرة لكنه لم ينته منها.. ترى هل تخلى ماركيز عن روايته بسبب الموت أم أنه نسيها، وهجرها دون وعي منه؟. في نهاية مقالي هذا استدل بما قاله واسيني الأعرج: «نحن لا ننسى عندما نريد ولكننا ننسى عندما تشتهي الذاكرة، والذاكرة عندما تشرع نوافذها للتخلص من ثقل الجراحات لا تستأذن أحداً».