دعوى المنع من السفر هي نوع من أنواع الدعاوى المستعجلة التي نصَّت عليها المادة (206/ب) من نظام المرافعات الشرعيَّة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435ه.، والتي يُشترط لقبولها ضرورة توافر حالة الاستعجال التي يُخشى معها فوات الوقت، وأن يكون الإجراءُ المرادُ اتخاذه إجراءً وقتيّاً لا يمسُّ بأصل الحقّ. فلقد أجازَ المنظِّمُ منعَ أحد الخصوم في الدعوى من السفر، في حال وجود دلائل تستشفُّ المحكمةُ منها أن سفرَ الخصمِ باتَ أمرًا متوقعًا بسبب الدعوى المقامة ضدَّه؛ وفي حال اقتناع المحكمة بذلك فإنّها تُصدر أمراً بمنعِ الخصمِ من السفر، تفادياً لما قد يترتَّب على ذلك من آثارٍ وأضرارٍ يمكن أن تلحقَ بالطرفِ الآخرِ. وفي هذا الصدد نصَّت المادة (208) من النظام على أنَّه: «لكلِّ مدعٍ بحقٍّ على آخر أثناء نظر الدعوى أو قبل تقديمها مباشرة أن يقدِّم إلى المحكمة المختصَّة بالموضوع دعوًى مستعجلةً لمنع خصمه من السفر، وعلى القاضي أن يصدر أمراً بالمنع إذا قامت أسبابٌ تدعو إلى الظنِّ أنَّ سفرَ المدَّعى عليه أمرٌ متوقّعٌ وبأنه يعُرِّض حقَّ المدَّعي للخطر أو يؤخِّرُ أداءَه...». وأوضحت المادة (208/1) من اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعيَّة أنَّه في حال صدر أمرٌ من القاضي بمنع الخصم من السفر؛ فيجب أن تبلَّغَ بذلك الجهة المختصة بكتاب لتنفيذ هذا الأمر، ويُمنع من السفر من صدر بشأنه هذا الأمر؛ ولا يُسمح له بالسفر إلا بإذنٍ كتابيٍّ يصدرُ عن الدائرة التي أصدرتْ أمرَ المنعِ من السفر، وذلكَ بناءً على طلبهِ. جديرٌ بالذكر أنَّ المدَّعي لو قام برفعِ دعوى منعِ خصمه من السفر (وهي دعوى مستعجلة كما ذكرنا) قبل أن يرفع الدعوى الأصليَّة، فإنه يُمنح مهلةً زمنيةً لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ قيد دعوى المنع من السفر، فإذا لم يقم خلال هذه المدة برفعِ الدعوى الأصليَّة، فإنَّ المنعَ من السفر في هذه الحالة يتمُّ رفعه في حال صدوره، ولا تُقبل بعد ذلك دعواهُ بمنع خصمه من السفر لو قام برفعها مرَّة أخرى إلا مع الدعوى الأصليَّة. كما اشترطت المادة (208) من نظام المرافعات الشرعيَّة أن يُقدِّم طالبُ المنع من السفر تأمينًا يقدِّره القاضي، وللأخير الاستعانةُ بقسم الخبراء في تقدير هذا التأمين، وذلك تحسُّبًا لظهور ما يثبت عدم مصداقية طالب المنع من السفر، حيث نصَّت على أنَّه: «... ويشترط تقديم المدّعي تأميناً يحدِّده القاضي لتعويضِ المدَّعى عليه، متى ظهر أنَّ المدَّعي غيرُ محقٍّ في دعواه، ويحكم بالتعويض مع الحكم في الموضوع، ويقدَّر حسبَ ما لحق المدَّعى عليه من أضرارٍ لتأخيرهِ عن السفرِ». ويلتزم المدَّعي (طالبُ المنع من السفر) بتقديمِ التأمين الذي حدَّدته المحكمة بشيكٍ مصرفيٍّ محجوزِ القيمة باسم رئيسِ المحكمةِ ويودعُ في صندوقِ المحكمة، وذلك وفقًا لما نصَّت عليه المادة (208/4) من اللائحة التنفيذية للنظام. وإذا ما تبين وثبت أنَّ دعوى المنع من السفر أدَّتْ إلى التسبُّب في وقوعِ ضررٍ على المدَّعى عليه، نتيجةً لكذبِ المدَّعي في دعواه أو لصوريَّتها، وقام المدَّعى عليه بطلب التعويض فإنَّ القاضي يعوِّضه عن الضرر الذي لحقَ به، ويتمُّ الحكمُ بالتعويضِ مع الحكم في موضوع الدعوى. وعند انتهاء القضية وإصدار الحكم فيها؛ فإنَّ الدائرة المختصة بنظر النزاع تخاطبُ الجهة المختصَّة لرفعِ المنعِ من السفرِ، بعد زوالِ أسبابِه. [email protected]